Wednesday, June 17, 2015

خلاصة المناظرة

No comments:
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا مانع لقضائه والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه وعلى آله وأصحابه الذين هم مصابيح أمته (وبعد) فيقول كثير المساوي مفتاح بن مأمون بن عبد الله الشنجوري غفر الله لهم ولوالديهم ومشايخهم وأحبائهم آمين هذه رسالة في فن المناظرة وهذا الفن لا شك في استحباب تحصيله وإنما الشك في وجوبه كفاية



بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين (أما بعد) فيقول كثير المساوي مفتاح بن مأمون المرتي غفر الله له ولوالديه ومشايخه وأحبائه آمين هذه تقريرات على رسالة في فن المناظرة جمعتها للقاصرين امثالي تبصرة ولعلها تكون للمنتهين من الأفاضل تذكرة وليس لي في ذلك إلا مجرد النقل من كتب العلماء الأعلام ومن تقريرات المشايخ الكرام فما كان فيها من صواب فمنسوب إلى هؤلاء وما كان من عيب أو خطإ فمن ذهني الكليل والمرجو ممن اطلع عليها بعين الإنصاف أن يصلح ما هو متعين الخطأ إلى ما هو الحق والصواب بعد التحقق والثبات ويعذرني في ذلك إذ هي بضاعة الفقير الضعيف والله اسأل وبنبيه الكريم أتوسل أن ينفع بها النفع العميم كما نفع بأصولها آمين وهذا أوان الشروع (قولـه الحمد لله) وال فى الحمد اما للاستغراق او للجنس او للعهد واللام فى لله اما للاستحقاق او للاختصاص او للملك والاولى ان تكرن ال للجنس واللام للاختصاص فالمعنى حينئذ جنس الحمد مختص لله ويلزم من اختصاص من الجنس اختصاص الافراد فهو فى قوة ان يدعى ان الافراد مختصة بالله بدليل اختصاص الجنس به فهو كدعوى الشيء ببينة فالدعوى هى اختصاص الافراد والبينة هى اختصاص الجنس اهـ الباجوري فى حاشيته على التقريب واقسامه اربعة حمد قديم لقديم وهو حمده تعالى نفسه بنفسه ازلا وحمد قديم لحادث وهو حمد الله لانبيائه واصفيائه وحمد حادث لحادث وهو حمد العباد بعضهم لبعض وحمد حادث لقديم وهو حمدنا لله تعالى واركانه خمسة حامد ومحمود ومحمود به ومحمود عليه وصيغة فاذا اثنيت على زيد لكونه اكرمك مثلا كان قلت زيد عالم فانت يقال لك حامد وزيد يقال له محمود وثبوت العلم له محمود به والاكرام محمود عليه وقولك زيد عالم هو الصيغة اهـ حاشية لقط الدر (قولـه والصلاة) قدم الحمد على الصلاة لتأخر رتبة ما يتعلق بالمخلوق وان كان افضل الخلق على الاطلاق عن رتبة ما يتعلق بالخالق واتى بالصلاة لقوله تعالى "ياايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" ولقوله تعالى "ورفعنا لك ذكرك" أي لا أذكر الا وتذكر معى ولقوله صلى الله عليه وسلم "من صلى علي فى كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمى فى ذلك الكتاب قال الامام الشافعى رضى الله عنه احب ان يقدم المرء بين يدي خطبته وكل امر طلبه حمد الله والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال فى فيض الاله والصلاة من الله الرحمة المقرونة بالتعظيم ومن الملائكة الاستغفار ومن غيرهم الدعاء وعلى هذا فالصلاة من قبيل المشترك اللفظى وهو ما اتحد لفظه وتعدد معناه كلفظ عين واختار ابى هشام فى مغنيه ان معناها واحد وهو العطف لكنه يختلف باختلاف العاطف فهو بالنسبة لله تعالى الرحمة وبالنسبة للملائكة الاستغفار وبالنسبة لغيرهم الدعاء وعلى هذا فهى من قبيل المشترك المعنوي وهو ما اتحد لفظه ومعناه واشتركت فيه افراده كأسد انتهى قال فى تحفة الحبيب اذا دار الامر بين الاشتراك اللفظى والمعنوي فالاشتراك المعنوي اولى لان اشتراك اللفظى خلاف الاصل لتعدد الوضع فيه والاصل خلافه انتهى (قوله والسلام) قال فى الانوار السنية وعقب الصلاة بالسلام خروجا من كراهة افراد احدهما عن الاخر عند المتأخرين واما عند المتقدمين فلا يكره الافراد نعم هو خلاف الاولى اهـ (قوله هذه) أي المؤلفة الحاضرة في الذهن اهـ شرح تحفة الإخوان قال المناوي وأسماء الإشارة قد تستعمل في الأمور المعقولة وإن كان وضعها للأمور المحسوسة اهـ فيض القدير (قوله رسالة) قال في حواشي المطالع إن الرسالة ما اشتعمل على مسائل قليلة من فن واحد والمختصر ما اشتعمل على مسائل قليلة من فن أو من فنون والكتاب ما اشتعمل على مسائل قليلة أو كثيرة من فن أو من فنون اهـ فالرسالة أخصها والكتاب أعمها والمختصر أعم من الرسالة وأخص من الكتاب فهو أوسطها اهـ الباجوري على كفاية العوام (قوله في فن المناظرة) ويقال له علم الآداب وعلم البحث وعلم صناعة التوجية اهـ منهل الإفادة (قوله وإنما الشك في وجوبه كفاية) فمن قال بوجوب معرفة مجادلات الفرق الضالة على الكفاية قال بوجوب التحصيل لأن هذا الفن يعرف به كيفية المجادلة وإلا فلا اهـ الآمدي والحق هو القول الأول اعني الوجوب الكفائي لأنه يعرف به طرق الرد على الفرق المبتدعة والضالة كما يعرف به الدليل التفصيلى على وجوده تعالى وثبوت اكثر صفاته بل قد يكون فرض عين على شخص حيث لم يكن في البلدة أحد غيره اهـ منهل الإفادة قال في البزارية ودفع الخصم واثبات المذهب يحتاج إليه اهـ
والمناظرة في العرف هي النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة ليظهر الحق وفن المناظرة فن يعرف فيه صحيح الدفع وفاسده 


(قوله بالبصيرة) والبصيرة للقلب بمنزلة البصر للعين اهـ منهل الافادة (قوله من الجانبين) والمراد من الجانبين المعلل والسائل اهـ منهل الافادة المعلل هو الناصب نفسه لبيان الحكم والسائل هو الناصب نفسه لهدم الحكم اهـ الآمدي (قوله النسبة) والمراد بالنسبة النسبة الحكمية المتناولة للحملية والمتصلة والمنفصلة والمراد بالشيئين الموضوع والمحمول والمقدم والتالى اهـ منهل الافادة (قوله ليظهر الحق) أي من الجانبين وهذا مذهب الجمهور وذهب بعضهم إلى انه يكفي نية اظهر الصواب ولو من جانب واحد اهـ منهل الإفادة والقيد الأخير احتراز عن المجادلة والمكابرة اهـ الرشيدية والمجادلة هي المنازعة لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم والمكابرة هذه أي المنازعة لا لإظهار الصواب إلا انه لا لإلزام الخصم أيضا بل لغرض آخر مثل عدم ظهور الجهالة عند الناس اهـ الشريفية (قوله دفع الصحيح) أي الدفع الصحيح من المعلل والسائل اهـ الآمدي (قوله وفاسده) أي الدفع الفاسد منهما اهـ الآمدي

المناظرة الجارية في النقل
اعلم أن الكلام الخبري اذا قاله أحد حاكيا عن الغير يقال له النقل وقائله الناقل فيتوجه عليه من قبل الخصم تصحيح النقل فيحضر الكتاب المنقول عنه


(قوله الكلام الخبري) وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته واحترز به عن الكلام الانشائى فلا تجري فيه المناظرة (قوله النقل) والنقل هو الإتيان بقول الغير على ما هو عليه بحسب المعنى أي على وجه لا يتغير معناه وإن تغير لفظه مظهرا انه قول الغير اهـ الشريفية سواء كان بالإيجاب أو بالسلب سواء كان بالسمع أو من الكتاب كما تقول قال فى المواقف الله تعالى متكلم بكلام ازلى أو قال الامام النية فى الوضؤ سنة اهـ الآمدي والنقل من الكتاب أو من الثقة في زماننا أولى من إثبات الحكم بالدليل لكونه مفضيا لكثرة النزاع اهـ الرشيدية (قوله فيتوجه عليه) أي على الناقل (قوله تصحيح النقل) أي بيان صحته (قوله الكتاب المنقول عنه) اى ان كان النقل من الكتاب واما ان كان بالسمع فعليك ان تثبت مدعاك بأي وجه يتيسر لك سواء تحضر من سمعت منه او تأتى بمن شاركك فى السماع اهـ الحاشية
المناظرة الجارية في الدعوى
واذا قاله من عند نفسه يقال له الدعوى والمدعى وقائله المعلل فإن لم يكن مقرونا بدليل ولم يكن بديهيا جليا فللسائل أن يمنعه ومعناه طلب الدليل عليه وإن كان بديهيا جليا فلا يصح منعه ويسمى منعه مكابرة


(قوله إذا قاله أحد) أي صريحا أو ضمنا (قوله المعلل) أي لأن من شأنه التعليل عليه (ولم يكن بديهيا جليا) بأن يكون نظريا أو بديهيا خفيا (قوله فللسائل أن يمنعه) أي لا يجوز للسائل إلا أن يمنعه منعا مجردا أو مع السند وفيه رد لمن يجوز أن ينقضه أو يعارضه اهـ البهتى (قوله ومعناه) أي معنى منعه (قوله طلب الدليل عليه) أي على ذلك الدعوى واستعمال لفظ المنع فيه مجازى واما استعمال عدم التسليم وطلب البيان فلا تجوز فيهما اهـ كلنبوى قال في العضدية ولا يمنع النقل والمدعى إلا مجازا اهـ قال المرعشي هذا إذا استعملت لفظ المنع وما يشتق منه في طلب الدليل عليهما وأما إذا استعملت لفظا آخر في طلب الدليل عليهما فلا مجاز كأن تقول لا نسلم هذا النقل أو هذا المدعى أو هو مطلوب البيان اهـ (قوله بديهيا جليا) واعلم ان البديهي الجلي هو البديهي الأولى والبديهي الفطري القياس والبديهي الذي اشترك منشأ بداهته بين عامة الناس وما عدا هذه المذكورات من البديهيات بديهي خفي اهـ البهتى قال في المواقف البديهيات سبعة الأوليات والقضايا قياساتها معها والمشاهدات والمجربات والحدسيات والمتواترات والوهميات قال الشريف الاجلى من هذه السبعة هي الأوليات ثم الفطرية القياس ثم المشاهدات ثم الوهميات اهـ (قوله مكابرة) وهي غير مسموعة اتفاقا والمكابرة هي المنازعة في المسألة العلمية لا لإظهار الصواب بل لإظهار الفضل
{فصل} قيل لا يمنع النقل والمدعى إلا مجازا ومعناه لا يستعمل لفظ المنع وما يشتق منه في طلب الدليل عليهما إلا مجازا وبيان ذلك ان المنع في عرفهم طلب الدليل على مقدمة الدليل ولما لم يكن النقل والمدعى مقدمة من دليل فقولك هذا النقل ممنوع وهذا المدعى ممنوع مجاز عن طلب الدليل مطلقا وأما إذا استعملت لفظا آخر في طلب الدليل عليهما فلا مجاز كأن تقول لا نسلم هذا النقل أو هذا المدعى أو هو مطلوب البيان هذا في المدعى الغير المدلل وأما إذا كان مدللا فطلب الدليل عليه بأي لفظ كان مجاز في النسبة والمراد طلب الدليل على شيء من مقدمات دليله وإن كان مقرونا بدليل فللسائل حينئذ ثلاث وظائف المنع والمعارضة والنقض فههنا ثلاث مقالات


(قوله فصل) أي في المنع الحقيقي والمنع المجازي (قوله قيل) القائل القاضي عضد الدين (قوله لفظ المنع وما يشتق منه) أي كممنوع أو منع (قوله إلا مجازا) أي لا يمنع النقل والمدعى بلفظ المنع وبما يشتق منه إلا مجازا اهـ البهتى (قوله على مقدمة الدليل) أي غير المدللة (قوله مطلقا) أي من غير تقييده بكونه على المقدمة اهـ الآمدي (قوله عليهما) أي على النقل والمدعى (قوله فلا مجاز) أي بل هو حقيقة (قوله هذا) أي التفصيل (قوله وأما إذا كان مدللا) كأن تقول هذا الشبح إنسان لأنه ناطق وكل ناطق إنسان (قوله فطلب الدليل عليه) أي على المدعى (قوله ثلاث وظائف) جمع وظيفة وأصلها ما يوظفه الإنسان أي يقدره لآخر في زمان معين من طعام والمراد بها هنا أحوال المعلل والسائل من الأسئلة والأجوبة وهذه الوظائف تختلف باختلاف ما تجري فيه المناظرة والذى تجري فيه المناظرة على ثلاثة انواع التعريف والتقسيم والمركب التام الخبري الا ان المصنف لم يبين فى هذه الرسالة الا وظائف المتناظرين فى النوع الثالث فقط لانه الاصل واما طريق المناظرة فى النوعين الاولين فعليك بها فى المطولات اهـ الحاشية (قوله المنع والمعارضة والنقض) قال فيما سيأتي وأسلمها المنع إذ لا يجب له سند ولا دليل اهـ
المقالة الأولى في المنع
اعلم ان للسائل منع مقدمة الدليل إذا لم يستدل المعلل عليها ولم تكن بديهية جلية ولا يصح منع المدعى حينئذ لأن المنع طلب الدليل والمطلوب حاصل إلا أن يراد منع شيء من مقدمات دليله وذا مجاز في النسبة


(قوله المقالة الأولى) من المقالات الثلاث (قوله في المنع) ويسمى بالمناقضة وهذه الوظيفة اسلم الوظائف قال الشريف واذا اجتمع المنوع الثلاثة فالمنع احق بالتقديم وقال المنع طلب الدليل على مقدمة معينة اهـ كأن يقال المقدمة الصغرى من دليلك أو الكبرى منه ممنوعة أو غير مسلمة أو مطلوبة البيان اهـ منهل الإفادة أو يقال لا نسلم صغرى دليلك أو كبرى دليلك أي أنا اطلب منك الدليل الدال على صحتها اهـ شيخنا (قوله منع مقدمة) ويسمى بالنقض التفصيلى اهـ منهل الافادة وكذا يسمى بالممانعة والمنع الحقيقى ووصف المنع بكونه حقيقيا ليخرج المنع المجازى اهـ الحاشية (قوله إذا لم يستدل المعلل عليها) أي بأن لا يورد دليلا عليها اهـ الآمدي (قوله ولم تكن بديهية جلية) وإلا لكان منعها مكابرة وهي غير مسموعة اتفاقا اهـ مثال ذلك أن يقول المعلل هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة لأنه أمر ذو بال وكل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة فمنعه السائل فقال المقدمة الصغرى من دليلك أو الكبرى منه ممنوعة أو غير مسلمة أو مطلوبة البيان أو لا نسلم أن هذا التصنيف أمر ذو بال أو لا نسلم أن كل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة أي أنا اطلب من الدليل الدال على صحتها اهـ (قوله حينئذ) أي حين كونه مقرونا بدليل اهـ الآمدي (قوله وذا) أي منع ذلك المدعى (قوله مجاز في النسبة) ويسمى أيضا مجازا عقليا ومجازا حكميا وإسنادا مجازيا
{فصل} المنع إما مجرد عن السند أو مقرون به ويكفى في الاستناد به جوازه عقلا فقد يذكر على سبيل التجويز كأن يقال لا نسلم انه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون ناطقا وقد يذكر على سبيل القطع كأن يقال كيف وهو ناطق أو يقال إنما يصح ما ذكرته لو كان غير ناطق وليس كذلك ويسمى المنع الذي سنده في الصورة الثالثة حلا لأن فيه بيان مبنى المقدمة الممنوعة والحل هو بيان منشأ الغلط واكثر وقوع الحل بعد النقض الإجمالي وستعرف النقض الإجمالي


(قوله فصل) أي في المنع المجرد عن السند والمقرون به (قوله إما مجرد عن السند أو مقرون به) والمنع المجرد صحيح لكن المنع مع السند أقوى منه والسند ما يذكر لتقوية المنع (قوله في الاستناد به) أي بالسند (قوله فقد يذكر على سبيل التجويز) وهذا يسمى سندا جوازيا (قوله وقد يذكر على سبيل القطع) وهذا يسمى سندا قطعيا (قوله أو يقال إنما يصح ما ذكرته الخ) وهذا يسمى سندا حليا (قوله واكثر وقوع الحل بعد النقض الإجمالي) كأن يقال لا نسلم أن يكون هذا الدليل جاريا في مدعى آخر إنما يجري ان لو كان كذا وليس كذلك أو لا نسلم أن يكون هذا الدليل متخلفا عنه حكم المدعى إنما يتخلف ان لو كان كذا وليس كذلك (قوله وستعرف النقض الإجمالي) في المقالة الثالثة إن شاء الله تعالى اهـ
{فصل} والسند بالاحتمال العقلي خمسة أقسام المساوي والأخص مطلقا والأعم مطلقا والأعم من وجه والمباين ولنمثل للكل فإذا قلنا هذا الشبح ليس بضاحك لأنه ليس بإنسان وكل ما ليس بإنسان ليس بضاحك فهذا الشبح ليس بضاحك فإن قال السائل لا نسلم انه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون ذلك ناطقا فهذا سند مساو لنقيض الممنوع وهو انه إنسان وإن قال لم لا يجوز أن يكون زنجيا فهذا أخص مطلقا وإن قال لم لا يجوز أن يكون حيوانا فهذا أعم مطلقا وإن قال لم لا يجوز أن يكون ابيض فهذا أعم من وجه وإن قال لم لا يجوز أن يكون حجرا فهذا مباين والمباين والأعم من وجه لا يجوز الاستناد بهما ولا ينفع المعلل إبطالهما لو استند بهما السائل والمساوي والأخص مطلقا يجوز الاستناد بهما لكن لا ينفع المعلل إبطال الأخص مطلقا بل إبطال المساوي وأما الأعم مطلقا فلا يجوز الاستناد به لكن ينفع المعلل إبطاله لو استند به السائل 


(قوله فصل) أي في بيان أقسام السند (قوله بالاحتمال العقلي) أي بدون ان يرجع إلى الاستقراء سواء كان له وجود في المناظرات أو لا اهـ الآمدي (قوله ولنمثل) يجوز فيه سكون اللام وفتحه اهـ الآمدي (قوله للكل) أي لكل واحد من الأقسام الخمسة (قوله هذا الشبح) بفتح الفاء والعين وقد يسكن العين وهو السواد المرئي من بعيد اهـ الآمدي (قوله لا يجوز الاستناد بهما) أي لأنهما لا يستلزمان نقيض الممنوع اهـ الآمدي (قوله ولا ينفع المعلل إبطالهما) أي بل يضر المعلل إبطالهما (قوله يجوز الاستناد بهما) أي لاستلزام كل منهما نقيض الممنوع (قوله لكن لا ينفع المعلل إبطال الأخص مطلقا) أي لأن انتفاء الأخص لا يستلزم انتفاء الأعم اهـ الآمدي (قوله بل إبطال المساوي) لأن أحد المتساويين يستلزم الآخر وجودا وعدما اهـ الآمدي (قوله وأما الأعم مطلقا فلا يجوز الاستناد به) أي لعدم استلزامه النقيض اهـ البهتى (قوله لكن ينفع المعلل إبطاله) لأن انتفاء الأعم مطلقا يستلزم انتفاء الأخص مطلقا اهـ الآمدي
{فصل} الواجب على المعلل عند منع السائل مدعاه أو مقدمة دليله إثبات ما منعه وذلك الإثبات نوعان احدهما ذكر دليل ينتج الممنوع والآخر إبطال السند المساوي للمنع لأن بإبطاله يبطل نقيض الممنوع فيثبت عينه لاستحالة ارتفاع النقيضين


(قوله فصل) أي في وظائف المعلل عند توجيه السائل المنع عليه (قوله ذكر دليل الخ) وهذا اثبات بالذات أي بلا واسطة (قوله ابطال السند) وهذا اثبات بالواسطة (قوله المساوي للمنع) أي لنقيض الممنوع (قوله لأن) أي لأنه أي الشأن (قوله فيثبت عينه) أي وإذا بطل نقيضه يثبت عينه مثال ذلك أن يقول المعلل العالم له محدث لأنه حادث وكل حادث له محدث فالعالم له محدث فيقول السائل مانعا لصغراه لا نسلم أن العالم حادث لم لا يجوز أن يكون قديما فيجيب المعلل العالم حادث لأنه متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث أو يقول المعلل سندك القائل لم لا يجوز أن يكون العالم قديما باطل بل العالم حادث لأنه متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث فسندك القائل لم لا يجوز أن يكون العالم قديما باطل لكن كان العالم متغيرا فسندك القائل لم لا يجوز الخ باطل اهـ
واعلم ان الممنوع لو كان مقدمة دليل المعلل فللمعلل وظيفة أخرى للتخلص عنه وهو إثبات المدعى المدلل بدليل آخر وذا إفحام من وجه


(قوله وظيفة أخرى) أي غير الإثباتين المذكورين اهـ الآمدي (قوله للتخلص عنه) أي عن ذلك المنع (قوله وهو) أي تلك الوظيفة والتذكير باعتبار الخبر اهـ البهتى (قوله وذا) أي إثبات ذلك المدعى بدليل آخر (قوله إفحام) أي عجز من المعلل اهـ الآمدي (قوله من وجه) أي باعتبار انه ليس بإثبات الممنوع أي وإظهار صواب من وجه أي باعتبار انه إثبات لما سبق له المنع اهـ الآمدي مثال ذلك أن يقول المعلل العالم له محدث لأنه حادث وكل حادث له محدث فالعالم له محدث فيقول السائل مانعا لصغراه لا نسلم ان العالم حادث لم لا يجوز أن يكون العالم قديما فيجيب المعلل العالم له محدث لأنه مخلوق وكل مخلوق له محدث فالعالم له محدث مثال ثان أن يقول المعلل هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة لأنه أمر ذو بال وكل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة فيقول السائل مانعا لكبراه لا نسلم ان كل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة لم لا يجوز أن يكون مأمورا عن جانب الشرع فيجيب المعلل هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة لأنه تصنيف في علم لا شك في استحباب تحصيله وكل تصنيف هذا شأنه ينبغي تصديره بالبسملة اهـ
{فصل} وعند إثبات المعلل مدعاه أو مقدمته بذكر دليل أو بإبطال السند المساوي للسائل أن يمنع شيئا من مقدمات الدليل أو الإبطال إذا لم تكن بديهية جلية فإذا منع يأتي فيه التفصيل السابق


(قوله للسائل أن يمنع شيئا الخ) مثال ذلك أن يقول المعلل العالم له محدث فمنعه السائل فقال لا نسلم ان العالم له محدث لم لا يجوز أن يكون العالم مستغنيا عن نفسه فيجيب المعلل العالم له محدث لأنه حادث وكل حادث له محدث فالعالم له محدث أو يقول كلما كان العالم حادثا فسندك القائل لم لا يجوز أن يكون العالم مستغنيا عن محدث باطل لكن كان العالم حادث فسندك القائل لم لا يجوز الخ باطل فيقول السائل بمنع الصغرى لا نسلم أن العالم حادث لم لا يجوز أن يكون العالم قديما اهـ (قوله فإذا منع) أي السائل (قوله التفصيل السابق) وهو إثبات ما منعه بالذات أو بالواسطة أوالانتقال إلى دليل آخر فأما أن يعجز المعلل فيفحم أو يعجز السائل فيلزم إذ لا يمكن جريان البحث إلى غير النهاية اهـ الآمدي
{فصل} لو أبطل السائل بالدليل المدعى أو مقدمة دليل المعلل قبل أن يستدل المعلل على تلك المقدمة فهو غصب لأن الاستدلال منصب المعلل وقد غصبه السائل واختلف في انه مسموع يجب على المعلل أن يجيب عنه والمحققون قالوا انه غير مسموع


(قوله فصل) أي في بيان حكم المنع على صورة الابطال (قوله لو أبطل السائل بالدليل) أي باقامة الدليل (قوله فهو غصب) كما إذا قال المعلل هذا الشبح إنسان وقال السائل لا نسلم أنه إنسان بل هو ليس بإنسان لأنه حجر ولا شيء من الحجر بإنسان وكما إذا قال المعلل هذا الشبح ضاحك لأنه إنسان وقال السائل لا نسلم أنه إنسان بل هو ليس بإنسان لأنه حجر ولا شيء من الحجر بإنسان والغصب في عرفهم استدلال السائل على بطلان ما صح منعه وهو المدعى والمقدمة الغير المدللين فالمعارضة ليست بغصب لأنه إبطال الدعوى بدليل بعد استدلال المعلل عليه وليس منع الدعوى بعد الاستدلال عليه صحيحا وكذا النقض الإجمالي ليس بغصب لأنه إبطال الدليل بدليل ولا يصح منع الدليل لأن المنع إنما يصح على ما يمكن الاستدلال عليه والدليل لا يمكن الاستدلال عليه لأنه مركب من مقدمتين والدليل لا ينتج إلا مقدمة واحدة (قوله والمحققون قالوا) أي خلافا للبعض منهم وهو مــــولانا ركن الدين العميدي اهـ منهل الافادة
المقالة الثانية في المعارضة
وهي إقامة الدليل على نقيض ما أقام عليه الخصم الدليل أو ما يساوي نقيضه أو الأخص من نقيضه كأن ادعى المعلل لا إنسانية شيء واستدل عليها فعارضه السائل بإثبات إنسانيته أو بإثبات ضاحكيته أو بإثبات انه زنجي فللسائل عند إرادة المعارضة أن يقول للمعلل دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفى ما ادعيت


(قوله المقالة الثانية) من المقالات الثلاث (قوله وهي إقامة الدليل على نقيض الخ) فالمعارضة هي إقامة الدليل على خلاف ما أقام عليه الخصم الدليل اهـ الشريفية والمراد بالخلاف أعم من أن يكون نقيض مدعى الخصم أو مساوي نقيضه أو أخص مطلقا من نقيضه اهـ منهل الإفادة (قوله كأن ادعى المعلل لا إنسانية شيء واستدل عليها) بأن قال هذا الشيء لا إنسان لأنه حجر وكل حجر لا إنسان فهذا الشيء لا إنسان اهـ الآمدي (قوله بإثبات إنسانيته) وهو النقيض بأن يقول انه ناطق وكل ناطق إنسان فذلك الشيء إنسان اهـ الآمدي (قوله أو بإثبات ضاحكيته) وهو المساوي بأن قال انه متعجب وكل متعجب ضاحك فذلك الشيء ضاحك اهـ الآمدي (قوله أو بإثبات انه زنجي) وهو الأخص بأن قال انه إنسان من بلاد الحبشة وكل إنسان من بلاد الحبشة زنجي فذلك الشيء زنجي اهـ الآمدي (قوله ما ينفى ما ادعيت) أي دليل ينتج خلاف مدعاك من النقيض أو المساوي أو الأخص مطلقا كما مر تصويره اهـ الآمدي
{فصل} المعارضة تنقسم إلى المعارضة في المدعى وهو أن يثبت السائل خلاف مدعى المعلل بعد إثبات المعلل مدعاه وإلى المعارضة في المقدمة وهي أن يثبت السائل خلاف مقدمة دليل المعلل بعد إثبات المعلل تلك المقدمة وكل منهما تنقسم إلى ثلاثة أقسام (الأول) المعارضة بالقلب وهي أن يكون دليل المعارض عين دليل المعلل مادة وصورة كما في المغالطات العامة الورود (الثاني) المعارضة بالمثل وهي أن يكون دليل المعارض غير دليل المعلل مادة وعينه صورة (الثالث) المعارضة بالغير وهي أن يكون دليل المعارض غير دليل المعلل صورة سواء كان غيره مادة أيضا أو كان عينه مادة


(قوله فصل) أي في تقسيم المعارضة (قوله إلى المعارضة في المدعى) وتسمى المعارضة في الحكم (قوله بعد إثبات المعلل مدعاه) إذ قبل الإثبات يكون غصبا اهـ الآمدي مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الشيء لا إنسان لأنه لا حجر وكل لا حجر لا إنسان فهذا الشيء لا إنسان فعارضه السائل فقال دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفى ما ادعيت وهو أن هذا الشيء إنسان لأنه ناطق وكل ناطق إنسان فهذا الشيء إنسان (قوله وإلى المعارضة في المقدمة) وتسمى المعارضة في العلة (قوله وهي أن يثبت السائل خلاف مقدمة دليل المعلل) مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الشبح ليس بكاتب لأنه ليس بإنسان وكل كاتب إنسان فهذا الشبح ليس بكاتب ودليل الصغرى لأنه حجر ولا شيء من الحجر بإنسان فعارضه السائل فقال دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفي ما ادعيت وهو ان هذا الشبح إنسان لأنه متعجب وكل متعجب إنسان فهذا الشبح إنسان أفاده الآمدي (قوله وكل منهما) أي المعارضة في المدعى والمعارضة في المقدمة (قوله عين دليل المعلل مادة وصورة) والمراد بالعينية في المادة اتحاد الدليلين في الحد الوسط إن كانا اقترانيين وفي المقدمة الاستثنائية إن كانا استثنائيين والمراد بالعينية في الصورة اتحاد الدليلين شكلا وضربا إن كانا اقترانيين واتحادهما وضعا ورفعا إن كانا استثنائيين اهـ الشبح يس (قوله كما في المغالطات العامة الورود) والمغالطة قياس فاسد صورة أو مادة ومعنى كونها عامة الورود افادتها للحكمين المتنافيين اهـ الرشيدية قال أبو الفتح المغالطات العامة الورود هي الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على جميع الأشياء حتى على النقيضين مثال ذلك أن يقول الفلسفي العالم قديم لأنه إذا كان الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه قدم العالم موجودا أو معدوما كان العالم قديما لكن المقدم حق والتالي مثله فعارضه السائل فقال العالم حادث لأنه إذا كان الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه حدوث العالم موجودا أو معدوما كان العالم حادثا لكن المقدم حق والتالي مثله (قوله المعارضة بالمثل وهي الخ) كأن يقول الفلسفي العالم قديم لأنه اثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم فعارضه السائل فقال العالم حادث لأنه متغير وكل متغير حادث فإن دليل المعارض هذا غير دليل المعلل مادة لتغاير أوساطهما وعينه صورة لكونهما من أول الشكل الأول اهـ الآمدي (قوله سواء كان غيره مادة أيضا) كأن يقول الفلسفي العالم قديم لأنه اثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم فعارضه السائل فقال العالم حادث لأنه اثر المختار ولا شيء من القديم بأثر المختار فالدليلان متغايران مادة وهو ظاهر وصورة لأن دليل المعلل من أول الشكل الأول ودليل السائل من أول الشكل الثاني اهـ الشبح يس (قوله أو كان عينه مادة) كأن يستدل المعلل على مدعاه بمغالطة عامة الورود فيعارضه السائل بإيراد تلك المعارضة على نقيض مدعى المعلل بصورة أخرى غير ما اختاره المعلل كأن يقول الفلسفي العالم قديم لأنه إذا كان الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه قدم العالم موجودا أو معدوما فالعالم قديم لكن المقدم حق والتالي مثله فعارضه السائل فقال العالم حادث لأنه إذا كان العالم قديما لم يكن الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه حدوث العالم موجودا أو معدوما لكن التالي باطل والتالي مثله فإن هذين الدليلين متحدان مادة مختلفان صورة لتغايرهما وضعا ورفعا
{فصل} الواجب على المعلل عند توجيه السائل المعارضة منع مقدمة من مقدمات دليل المعارض أو إثبات فساد دليله وهو النقض الإجمالي وسيأتي تفصيل النقض الإجمالي أو إثبات الدعوى بدليل آخر وهو المعارضة على معارضة السائل


(قوله فصل) أي في وظائف المعلل عند توجيه السائل المعارضة (قوله أو إثبات فساد دليله) بتخلف الحكم أو باستلزامه الفساد اهـ البهتى (قوله وسيأتي تفصيل النقض الإجمالي) أي في المقالة الثالثة (قوله أو بإثبات الدعوى بدليل آخر) مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الماء ما لا يصح به الوضوء لأنه ماء متنجس وكل ماء متنجس لا يصح به الوضوء فهذا الماء ما لا يصح به الوضوء فعارضه السائل فقال دليلك هذا وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفي ما ادعيت وهو ان هذا الماء ماء يصح به الوضوء لأنه ماء طاهر وكل ماء طاهر يصح به الوضوء فهذا الماء ماء يصح به الوضوء فمنعه المعلل فقال لا نسلم أن كل ماء طاهر يصح به الوضوء لم لا يجوز انه لا يصح به كالمستعمل أو نقضه السائل فقال دليلك هذا باطل لأنه جار في مدعى آخر متخالفا عنه حكم المدعى وكل دليل هذا شأنه باطل ووجه الجريان ان الماء المستعمل ماء طاهر مع انه لا يصح به الوضوء أو عارضه السائل فقال دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفى ما ادعيت وهو أن هذا الماء ماء لا يصح به الوضوء لأنه ماء مستعمل وكل ماء مستعمل لا يصح به الوضوء فهذا الماء ماء لا يصح به الوضوء
المقالة الثالثة في النقض


وهو أن يدعى السائل بطلان دليل المعلل مستدلا بأنه جار في مدعى آخر مع تخلف ذلك المدعى عنه وكل دليل هذا شأنه فهو باطل لأن الدليل الصحيح لا يتخلف عنه المدعى لأن المدعى لازم له وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم كأن قلنا للفلسفي المستدل على قدم العالم بأنه أثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم انه جار في الحوادث اليومية مع انها حادثة بالبداهة


(قوله المقالة الثالثة) من المقالات الثلاث (قوله في النقض) وقد يقيد بالإجمالي وأما إذا قيد بالتفصيلي فيكون بمعنى المناقضة اهـ البهتى (قوله عنه) أي عن ذلك الدليل (قوله لأن المدعى لازم له) أي للدليل (قوله وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم) أي فبطلان المدعى يدل على بطلان الدليل (قوله انه) أي دليلك هذا (قوله في الحوادث اليومية) أي الواقعة في الأيام اهـ البهتى بأن يقال الحادث اليومي اثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم فالحادث اليومي قديم اهـ الآمدي (قوله مع انها حادثة بالبداهة) أي فتخلف عنه المدعى اهـ الآمدي
{فصل} ولا يجاب عن هذا النقض بمنع الكبرى بل بمنع الصغرى اما بمنع الجريان أو بمنع التخلف  


(قوله فصل) أي في وظائف المعلل عند توجيه السائل النقض بالتخلف (قوله بمنع الكبرى) وهي كل دليل جار في مدعى آخر متخلفا عنه حكم المدعى فهو باطل (قوله بمنع الجريان) وتقريره لا نسلم أن يكون هذا الدليل جاريا في مدعى آخر (قوله أو منع التخلف) وتقريره لا نسلم أن يكون هذا الدليل متخلفا عنه حكم المدعى مثال ذلك أن يقول المعلل الكوحول نجس لأنه مسكر وكل مسكر نجس ينتج الكوحول نجس فنقضه السائل فقال دليلك هذا باطل لأنه جار في مدعى آخر متخلفا عنه حكم المدعى وكل دليل هذا شأنه فهو باطل ووجه الجريان ان الحشيش مسكر مع انه ليس بنجس فيجيب المعلل مانعا للجريان فقال لا نسلم أن يكون هذا الدليل جاريا في الحشيش كيف والمراد بالمسكر المسكر المائع أو مانعا للتخلف فقال لا نسلم أن يكون هذا الدليل متخلفا عنه حكم المدعى في الحشيش لأني لم أرد بالنجس معناه المشهور ولكنني أردت به الحرمة كائنا ما كان اهـ شيخنا
وقد يستدل الناقض على بطلان دليل المعلل بأنه مستلزم للدور أو التسلسل وهو محال وكل ما يستلزم المحال فهو محال


(قوله للدور أو التسلسل) أي مثلا وكذا سائر المحالات كاجتماع النقيضين وارتفاعهما اهـ البهتى مثال ذلك أن يقول المعلل هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة لأنه أمر ذو بال وكل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة ينتج هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة فنقضه السائل فقال دليلك هذا باطل لأنه مستلزم للتسلسل وهو محال وكل ما يستلزم المحال فهو محال ووجه الاستلزام أن البسملة نفسها أمر ذو بال فينبغي تصديرها ببسملة أخرى وتلك الأخرى أمر ذو بال فينبغي تصديرها ببسملة أخرى وهكذا إلى ما لا نهاية له فيتسلسل اهـ شيخنا
{فصل} ولا مجال لمنع الكبرى هنا أيضا بل بمنع الصغرى اما بمنع الاستلزام أو بمنع الاستحالة لأن بعض الدور والتسلسل غير محال وقد يجاب عن النقض مطلقا بإثبات المدعى المنقوض دليله بدليل آخر وهذا إفحام من وجه                 


(قوله فصل) أي في وظائف المعلل عند توجيه السائل النقض باستلزام الفساد (قوله أيضا) أي كما لا مجال لمنع الكبرى في الشاهد الأول اهـ الآمدي (قوله  بمنع الاستلزام) وتقريره لا نسلم أن يكون هذا  الدليل مستلزما للدور أو التسلسل (قوله أو بمنع الاستحالة) وتقريره لا نسلم أن هذا الدور أو التسلسل محال مثال ذلك أن يقول المعلل عند النقض المذكور مانعا للاستلزام لا نسلم أن يكون هذا الدليل مستلزما للتسلسل لم لا يجوز أن يكون البسملة كما انها تبسمل لغيرها تبسمل لنفسها كالشاة الواحدة في الأربعين كما انها تزكي لغيرها تزكي لنفسها أو مانعا للاستحالة لا نسلم أن يكون هذا التسلسل محالا إنما يتم ما ذكرتم ان لو كان حقيقيا وليس كذلك اهـ شيخنا (قوله مطلقا) أي سواء كان بالتخلف أو باستلزام الفساد اهـ البهتى (قوله بدليل آخر) أي بدليل يغاير الأول اهـ الآمدي (قوله وهذا إفحام من وجه) لعدم تصحيحه للدليل المنقوض مثال ذلك أن يقول المعلل عند النقض المذكور هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة لأنه في علم لاشك في استحباب تحصيله وكل تصنيف هذا شأنه ينبغي تصديره بالبسملة ينتج هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة اهـ شيخنا
{فصل} واعلم ان الناقض بالتخلف قد يترك بعض أوصاف دليل المعلل عند أجرائه فيسمى ذلك نقضا مكسورا مثاله قال الشافعي رحمه الله لا يصح بيع الغائب لأنه مبيع مجهول الصفة وكل مبيع هذا شأنه لا يصح بيعه فنقضناه بأنه جار في تزوج امرأة غائبة لأنه مجهولة الصفة مع أنه صحيح فقد حذفنا قيد المبيعة


(قوله فصل) أي في النقض المكسور (قوله عند أجرائه) أي عند أجراء الناقض دليل المعلل في مدعى آخر (قوله فيسمى ذلك نقضا مكسورا) واعلم ان السائل حين يورد النقض على دليل المعلل اما ان يورد دليل المعلل برمته لايترك منه شيئا مما فيه من الاوصاف واما ان يترك من دليل المعلل بعض الاوصاف فالاول يسمى نقضا مشهورا والثانى يسمى نقضا مسكورا افاده فى الحاشية مثاله أن يقول المعلل الكوحول نجس لأنه مائع مسكر وكل مائع مسكر نجس ينتج الكحول نجس فيقول السائل دليلك هذا باطل لأنه جار في مدعى آخر متخلفا عنه حكم المدعى وكل دليل هذا شأنه فهو باطل ووجه الجريان أن الحشيش مسكر مع انه ليس بنجس فقد ترك السائل قيد المائع (قوله مثاله) أي النقض المكسور
{فصل} لا ينقض الدليل بالاشتمال على التطويل أو الاستدراك أو الخفاء إلى غير ذلك مما يزيل حسنه فلا يصح لأحد المناظرين أن يقول للمناظر الآخر إن ما ذكرته باطل لأن المعنى الذي أديته بما ذكرته من العبارة يصح أداؤه بأحسن منها وإنما لا يصح ذلك لأن وجود الطريق الراجح لا يوجب بطلان المرجوح وإنما يصح الاعتراض به على حسن العبارة ويسمى هذا الاعتراض تعيين الطريق وهو ليس من دأب المناظرين


(قوله فصل) أي في بيان النقض الغير المسموع (قوله على التطويل) وهو أن يكون اللفظ زائدا على اصل المراد ولا يكون الزائد متعينا اهـ الآمدي (قوله أو الاستدراك) أي الحشو وهو أن يكون اللفظ زائدا على أصل المراد ويكون الزائد متعينا اهـ الآمدي (قوله أو الخفاء) أي في الدلالة للمراد (قوله مما يزيل حسنه) أي لا صحته (قوله لأحد المناظرين) أي المعلل والسائل (قوله لأن وجود الطريق الراجح لا يوجب الخ) يعنى النقض بأحد هذه الأشياء غير صحيح لأنه نقض بوجود الطريق الراجح وكل نقض بوجود الطريق الراجح لا يوجب بطلان المرجوح وكل نقض بما لا يوجب بطلان المرجوح غير صحيح (قوله وإنما يصح الاعتراض به) أي بذلك الاشتمال (قوله وهو ليس من دأب المناظرين) أي لأن غرضهم إظهار الصواب ولا مدخل لهذا الاعتراض في إظهار الصواب اهـ الآمدي
{فصل} وقد ينقض العبارة ومعناه دعوى بطلانها مستدلا بمخالفتها قانون اللغة أو الصرف أو النحو ويجاب عن هذا القض بمنع مخالفتها مستندا بمذهب من مذاهب أهل العربية تصح عليه تلك العبارة (واعلم) ان المعارض والناقض إذا لم يذكرا دليلا فلا يسمع دعواهما البطلان ويسمى دليل النقض شاهدا


(قوله فصل) أي في نقض العبارة (قوله وقد ينقض العبارة) وهي اللفظ سمى بها لعبور المخاطب منه إلى المعنى والمتكلم من المعنى إليه اهـ الآمدي (قوله ومعناه) أي معنى ذلك النقض اهـ الآمدي (قوله دعوى بطلانها مستدلا الخ) وتقريره أن يقول السائل عبارتك هذه باطلة لأنها مخالفة لقانون العربية وكل عبارة هذا شأنها فهي باطلة (قوله وقد يجاب عنه) أي عن هذا النقض (قوله بمنع مخالفتها الخ) مثال ذلك أن يقول المعلل مثلا :
       وآله وصحـبه ذوي الهـدى  من شبهوا بأنجم في الاهتدا
فينقض السائل عبارتك هذه باطلة لأنها مخالفة لقانون النحو وكل عبارة هذا شأنها فهي باطلة ووجه المخالفة ان في عبارتك هذه عطفا على ضمير خفض بدون عود خافض وهو مخالف لقانون النحو فيجيب المعلل بقوله لا نسلم أن هذه مخالفة لقانون النحو لم لا يجوز أن تكون هذه العبارة جارية على مذهب من يجوز ذلك (قوله فلا يسمع دعواهما البطلان) لكونهما مكابرة اهـ البهتى قال السيد لا يسمع النقض من غير شاهد بخلاف المناقضة اهـ الشريفية اى فانها تسمع من غير شاهد اهـ الرشيدية (قوله ويسمى دليل النقض) سواء كان دليل التخلف أو دليل الفساد أي دون دليل المعارضة ولا مشاحة في الاصطلاح اهـ الآمدي (قوله شاهدا) لشهادته على بطلان الدليل اهـ الآمدي والمشهور ان شاهده منحصر فى امرين احدهما التخلف والآخر استلزام الفساد اهـ منلا عمر زاده
{فصل} وإذا أجاب المعلل عن اعتراض السائل بجواب مبنى على ما سلمه السائل بأن يثبت ما منعه السائل بدليل مشتمل على مقدمة مسلمة عند السائل مع علم المعلل بان الذي سلمه باطل فذا جواب إلزامي جدلي لا تحقيقي وليس الغرض منه إظهار الحق بل إلزام الخصم فقط فلا ينبغي للمعلل ذلك الجواب إلا إذا كان الخصم متعنتا والجواب التحقيقي هو الجواب الذي بناه المعلل على ما علم حقيته لكن السائل إذا سكت حينئذ يحصل له الإلزام فإن منع ما سلمه من قبل فله ذلك إذ له أن يدعى التردد بعد الجزم به ما لم يكن ما سلمه بديهيا جليا ولذا قيل المانع لا مذهب له          


(قوله فصل) أي في بيان الأجوبة المقبولة وغيرها (قوله على ما سلمه السائل) أي ولم يكن مسلما عند المعلل (قوله بان الذي سلمه باطل) وإن لم يكن باطلا في نفس الأمر اهـ الآمدي (قوله فذا) أي ذلك الجواب (قوله جواب إلزامي جدلي) مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الحديث باطل لأنه موضوع وكل موضوع فهو باطل فمنعه السائل فقال لا نسلم أن هذا الحديث موضوع لم لا يجوز أن يكون صحيحا فأجاب المعلل بقوله إن هذا الحديث ليس في الصحيحين وكل ما ليس في الصحيحين فهو موضوع عندك (قوله ذلك الجواب) أي الجدلي (قوله متعنتا) أي طالبا زلة المعلل لا طالبا لإظهار الحق فان الخصم حينئذ متكبر والتكبر على المستكبر صدقة اهـ الآمدي (قوله على ما علم حقيته) وإن لم يكن حقا والحاصل ان المجيب إن اعتقد صحة جوابه فجوابه تحقيقي وإن لم يصح في نفس الأمر وإلا فجدلي وإن صح اهـ الآمدي (قوله حينئذ) أي حين إذا ثبت المعلل ما منعه السائل بدليل مشتمل على مقدمة مسلمة عند السائل اهـ الآمدي (قوله يحصل له) أي للسائل (قوله من قبل) أي من قبل إثبات المعلل اهـ الآمدي (قوله المانع لا مذهب له) أي لا مذهب له معين فيذهب في مقام المنع أي مذهب يشاء ويختار ما هو أحرى بحاله اهـ الآمدي
خاتمة
ثم ان البحث بين المعلل والسائل إما أن ينتهي إلى عجز المعلل عن دفع اعتراض السائل أو إلى عجز السائل عن الاعتراض على جواب المعلل إذ لا يمكن جريان البحث إلى غير النهاية وعجز المعلل يسمى في العرف إفحاما وعجز السائل إلزاما والله أعلم


(قوله خاتمة) في الافحام والالزام (قوله البحث) أي المناظرة (قوله إذ لا يمكن جريان البحث إلى غير النهاية) لقصور القوة البشرية عن ترتيب أمور غير متناهية اهـ الآمدي (قوله إفحاما) يقال أفحم السائل المعلل ويقال المعلل مفحم بفتح الحاء (قوله إلزاما) يقال الزم المعلل السائل أي جعله ملزما ويقال السائل ملزم بفتح الزاى فإضافة الإفحام إلى المعلل إضافة المصدر إلى مفعوله وكذا إلزام السائل
والله أعلم



وهذا آخر ما يسره الله على هذه الرسالة النفيسة
النافعة لكل من أرادالمطالعة أو التدريس
والحمد لله رب العالمين وصلى الله
على سيـــدنا محمد سيــــد
المرسلين وعلى آلـــــــه
وصحبه أجمعين
آمين

No comments:

http://www.piss-ktb.com/

Silahkan copy dan sebarkan code Widget Islamuna Search Engine di bawah pada blog dan website anda :
Islamuna
Islamuna Search Engine

Beranda | Qiblat | Jadwal Shalat | Almanak | Waris | Widget | Pustaka Copyright © Islamuna Network 2013.
 
back to top