بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله وبحمده وصلاة وسلام على رسله يقول البائس الفقير محمد المدعو بساجقلى زاده أكرمه الله تعالى بالفلاح والسعادة
-----------------------
الحمد
لله الذي لا مانع لقضائه والصلاة والسلام على سيدنا أنبيائه وعلى آله
وأصحابه أدلة أوليائه (أما بعد) فيقول كثير المساوي مفتاح بن مأمون المرتي
غفر الله له ولوالديه ومشايخه وأحبائه آمين هذه تقريرات مفيدة على الرسالة
الولدية في آداب المناظرة جمعتها للقاصرين امثالي تبصرة ولعلها تكون
للمنتهين من الأفاضل تذكرة وليس لي في ذلك إلا مجرد النقل من كتب العلماء
الأعلام ومن تقريرات المشايخ الكرام فما كان فيها من صواب فمنسوب إلى هؤلاء
وما كان من عيب أو خطاء فمن ذهني الكليل والمرجو ممن اطلع عليها بعين
الإنصاف أن يصلح ما هو متعين الخطأ إلى ما هو الحق والصواب بعد التحقق
والثبات ويعذرني في ذلك إذ هي بضاعة الفقير الضعيف والله اسأل وبنبيه
الكريم أتوسل أن ينفع بها النفع العميم كما نفع بأصولها آمين وهذا أوان
الشروع (بسم الله) متبركا بسم الله ابتدئ اهـ البهتي عدل عن الطريقة
المشهورة رعاية لصنعة الاستغراب اهـ الآمدى واعلم إن لفظ اسم إذا دخل عليه
الباء إما أن يضاف إلى لفظة الله تعالى أو لا فعلى الثاني يمتنع حذف الهمزة
من الخط وتطويل مركز الباء عنها وعلى الأول إما أن يذكر بعده الرحمن
الرحيم أو لا فعلى الثاني يجوز الحذف مع التطويل وعلى الأول يجب اهـ البهتي
(وبحمده) بدأ بعد التيمن بالتسمية بحمد الله سبحانه وتعالى إقتداء بأحسن
النظام وعملا على حديث خير الأنام وهو "كل أمر ذي بال لم يبدأ بحمد الله
فهو اقطع" اهـ الرشيدية والابتداء نوعان حقيقي وإضافي فالحقيقي ما تقدم
أمام المقصود ولم يسبقه شيء والإضافي ما تقدم أمام المقصود وإن سبقه شيء
أفاده الباجورى على تقريب (وصلاة وسلام) ويحتمل أن يكون كل منهما مبتدأ
والظرف خبره اهـ الآمدى وعقب الصلاة بالسلام خروجا عن كراهة افراد احدهما
عن الآخر عند المتأخرين اهـ الأنوار السنية (على رسله) وإنما أتى بصيغة
الجمع تعظيما لشأنه عليه الصلاة والسلام اهـ الآمدى (يقول البائس الفقير)
وفيه تلميح إلى قوله تعالى "وأطعموا البائس الفقير" اهـ الآمدى (محمد)
المرعشي (المدعو بساجقلى زاده) لقب المصنف (أكرمه الله تعالى بالفلاح) أي
النجاة في الدنيا والآخرة (والسعادة) أي الوصول إلى المرتبة العلية اهـ
الآمدى
هذه
رسالة في فن المناظرة عملتها لك يا ولد ولأمثالك المبتدئين بارك الله فيها
لك ولمن أرادها غيرك وهذا الفن لاشك في استحباب تحصيله وإنما الشك في
وجوبه كفاية
-----------------------
(هذه)
أي المؤلفة الحاضرة في الذهن اهـ شرح تحفة الإخوان قال المناوي وأسماء
الإشارة قد تستعمل في الأمور المعقولة وإن كان وضعها للأمور المحسوسة اهـ
فيض القدير (رسالة) قال في حواشي المطالع إن الرسالة ما اشتعمل على مسائل
قليلة من فن واحد والمختصر ما اشتعمل على مسائل قليلة من فن أو من فنون
والكتاب ما اشتعمل على مسائل قليلة أو كثيرة من فن أو من فنون اهـ فالرسالة
أخصها والكتاب أعمها والمختصر أعم من الرسالة وأخص من الكتاب فهو أوسطها
اهـ الباجوري على كفاية العوام (في فن المناظرة) ويقال له علم الآداب وعلم
البحث وعلم صناعة التوجية اهـ منهل الإفادة (عملتها لك) أي لأجل انتفاعك
اهـ الآمدي (يا ولد) بالضم أو بالكسر والأول أولى لسلامته من الحذف
ولاشتعاره بالواقع وهو عدم كون المخاطب ولده الأصلي اهـ البهتى (ولأمثالك
المبتدئين) والمبتدئ من ليس له قدرة على تصوير المسائل الفن الذي يقرأ فيه
فإن قدر على ذلك فمتوسط وإن قدر على إقامة دليلها فمنته اهـ إيضاح المبهم
(بارك الله فيها لك) أي جعل الله تلك الرسالة مباركة لك اهـ الآمدي والبركة
هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء اهـ الخازن (ولمن أرادها) أي لمن قصد
تعلمها أو تعليمها أو مطالعتها فالمراد بالموصول أعم من المبتدئين وغيرهم
والإرادة أعم من أن تكون للانتفاع أو التبرك اهـ الآمدي (غيرك) حال للموصول
أفاده البهتي فيه مراعاة السجع اهـ الآمدي (وهذا الفن لاشك في استحباب
تحصيله وإنما الشك في وجوبه كفاية) فمن قال بوجوب معرفة مجادلات الفرق
الضالة على الكفاية قال بوجوب التحصيل لأن هذا الفن يعرف به كيفية المجادلة
وإلا فلا اهـ الآمدي والحق هو القول الأول اعني الوجوب الكفائي لأنه يعرف
به طرق طرق الرد على الفرق المبتدعة والضالة كما يعرف به تمام الدليل
التفصيلي على صفاته تعالى بل قد يكون فرض عين على شخص حيث لم يكن في البلدة
أحد غيره اهـ منهل الإفادة قال في البزارية ودفع الخصم واثبات المذهب
يحتاج إليه اهـ
والمناظرة في العرف هي المدافعة ليظهر الحق اعني دفع السائل قول المعلل ودفع المعلل قول السائل وفن المناظرة فن يعرف فيه صحيح الدفع وفاسده اعلم انك إذا قلت شيئا فذا إما تعريف أو تقسيم أو تصديق أو مركب ناقص أو مفرد أو إنشاء وانت في جميع هذه الصور إما ناقل أولا
-------------------
(والمناظرة
في العرف هي المدافعة) أي بين الشخصين في النسبة (ليظهر الحق) أي من
الجانبين وهذا مذهب الجمهور وذهب بعضهم إلى انه يكفي نية اظهر الصواب ولو
من جانب واحد اهـ منهل الإفادة والقيد الأخير احتراز عن المجادلة والمكابرة
اهـ الرشيدية والمجادلة هي المنازعة لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم
والمكابرة هذه أي المنازعة لا لإظهار الصواب إلا انه لا لإلزام الخصم أيضا
بل لغرض آخر مثل عدم ظهور الجهالة عند الناس اهـ الشريفة (اعني دفع السائل
قول المعلل ودفع المعلل قول السائل) أي والاخصر أن يقال هي المدافعة من
السائل والمعلل إظهار للحق والمعلل هو الناصب نفسه لبيان الحكم والسائل هو
الناصب نفسه لهدم الحكم اهـ الآمدى (وفن المناظرة فن) أي قواعد أو ملكة أو
ادراكات اهـ الآمدى (يعرف فيه صحيح الدفع) أي الدفع الصحيح من السائل
والمعلل (وفاسده) أي الدفع الفاسد منهما اهـ الآمدى (اعلم) يا من يتأتى من
العلم وليس القصد توجيه الخطاب إلى معين وإن كان هو الأصل اهـ صاوي بيان
وكثير إما يأتي به المحققون في أوائل المباحث الدقيقة لينتبه السامع لها
اكثر من غيرها اهـ الحفني (انك إذا قلت شيئا فذا) أي ذلك الشيء المقول اهـ
الآمدى (إما تعريف أو تقسيم أو تصديق) أي القضية اهـ البهتى وقيل التصديق
والقضية مترادفان بحسب العرف اهـ الآمدى (أو مركب ناقص أو مفرد أو إنشاء
وانت في جميع هذه الصور) أي الست (إما ناقل أولا) والنقل هو الإتيان بقول
الغير على ما هو عليه بحسب المعنى أي على وجه لا يتغير معناه وإن تغير لفظه
مظهرا انه قول الغير اهـ الشريفية سواء كان بالإيجاب أو بالسلب سواء كان
بالسمع أو من الكتاب اهـ الآمدى والنقل من الكتاب أو من الثقة في زماننا
أولى من إثبات الحكم بالدليل لكونه مفضيا لكثرة النزاع اهـ الرشيدية
ولنشرع في بيان المناظرة على تقدير عدم النقل واعلم ان الأخيرين لا يمكن فيهما المناظرة فنضع ثلاثة أبواب
--------------------
(ولنشرع)
أي وجب علينا الشروع اهـ الآمدى (في بيان المناظرة على تقدير عدم النقل)
قدمه على الأول اعتناء بشأنه لشيوعه وكثرة مباحثه اهـ الآمدى (واعلم ان
الأخيرين) أي المفرد والإنشاء ففيه تغليب (لا يمكن فيهما المناظرة) إذ
متعلق المناظرة هي النسبة التامة الخبرية الحقيقية أو حكما والمفرد ليس له
نسبة أصلا والإنشاء وإن كان له نسبة تامة لكنها ليست بخبرية اهـ الآمدى
(فنضع ثلاثة أبواب) أي لبيان المناظرة الجارية في الثلاثة الأول وهي
التعريف والتقسيم والتصديق اهـ البهتى فإن قلت الواجب أن يقول أربعة أبواب
لأن غير الأخيرين أربعة أشياء قلت المركب الناقص إن كان قيدا للقضية فهو
تصديق معنى وإلا فلا يجرى فيه المناظرة كالمفرد والإنشاء اهـ الآمدى
الباب الأول في التعريف
للسائل
أن ينقضه ومعناه أن يبطله بعدم جمعه أو بعدم منعه أو باستلزامه المحال
وسبب الأول كون التعريف أخص مطلقا كتعريف الإنسان بالزنجي وسبب الثاني كونه
أعم مطلقا كتعريفه بالحيوان وقد يجتمع الأول والثاني وذلك إذا كان التعريف
أعم من وجه كتعريفه بالأبيض وتقريرهما ان هذا التعريف غير جامع لأفراد
المعرف أو غير مانع عن اغياره وكل تعريف هذا شأنه فهو فاسد
--------------------
(الباب
الأول) أي من الأبواب الثلاثة التي اشتملت عليها هذه الرسالة (في التعريف)
أي في بيان المناظرة الجارية في التعريف اهـ البهتى وهو ما يقتضي فصوره
تصور المعرف بفتح الراء أو امتيازه عي غيره فالأول هو الحد التام والثاني
ما عداه اهـ الباجوري وعرفه في التهذيب بما يقال على الشيء لإفادة تصوره
اهـ (للسائل أن ينقضه) ويسمى نقض التعريف اهـ البهتى (ومعناه أن يبطله بعدم
جمعه أو بعدم منعه أو باستلزامه المحال) حاصله كل سائل إذا اراد أن يدفع
التعريف فالواظيفة الموجهة منه نقضه بمعنى ابطاله بعدم جمعه أو بعدم منعه
أو باستلزامه المحال اهـ شيخنا (وسبب الأول) أي سبب الإبطال بعدم الجمع اهـ
الآمدى (كون التعريف أخص مطلقا كتعريف الإنسان بالزنجي) فإن كان زنجي
إنسان وليس كل إنسان زنجيا اهـ شيخنا (وسبب الثاني) أي سبب الإبطال بعدم
المنع (كونه أعم مطلقا كتعريفه بالحيوان) فإن كل إنسان حيوان وليس كل حيوان
إنسانا اهـ شيخنا (وقد يجتمع الأول والثاني) أي الإبطال بعدم الجمع
والإبطال بعدم المنع اهـ الآمدى (وذلك إذا كان التعريف أعم من وجه كتعريفه
بالأبيض) اعلم ان الإنسان والأبيض بينهما عموم من وجه فإنهما يجتمعان في
الإنسان والرومي ويفترق الإنسان من الأبيض في الحبشي والأبيض من الإنسان في
الفرس الأبيض اهـ الآمدى (وتقريرهما) أي الإبطال بعدم الجمع والإبطال بعدم
المنع اهـ الآمدى (ان هذا التعريف غير جامع لأفراد المعرف أو غير مانع عن
اغياره وكل تعريف هذا شأنه فهو فاسد) وينبغي للسائل أن يبين وجه عدم
الجامعية وعدم المانعية أفاده في الحسينية فيقول وجه كونه غير جامع ان
المعرف صادق على فرد فلاني والتعريف غير صادق عنية ووجه كونه غير مانع ان
التعريف صادق على فرد فلاني والمعرف غير صادق عليه
فلصاحب التعريف أن يمنع الكبرى مستندا بأن التعريف لفظي
--------------------
(فلصاحب
التعريف) يعنى من التزام صحته سواء كان صادرا منه أولا اهـ الآمدى (أن
يمنع الكبرى مستندا بأن التعريف لفظي) حاصله كل تعريف إذا أبطله السائل
بعدم الجمع أو بعدم المنع جاز لصاحب التعريف منع الكبرى مستندا بأن التعريف
لفظي وتقريره أن يقول لا نسلم ان كل تعريف غير جامع فهو باطل أو لا نسلم
ان كل تعريف غير مانع فهو باطل لم لا يجوز أن يكون التعريف تعريفا لفظيا
مثال ذلك أن يقول صاحب التعريف الإنسان زنجي فنقضه السائل فقال ان هذا
التعريف غير جامع لأفراد المعرف وكل تعريف هذا شأنه فهو فاسد ينتج ان هذا
التعريف فاسد ووجه كونه غير جامع ان المعرف وهو الإنسان صادق على فرد فلاني
وهو الرومي والتعريف غير صادق عليه فيجب صاحب التعريف يمنع الكبرى فيقول
لا نسلم ان كل تعريف غير جامع فهو فاسد لم لا يجوز أن يكون التعريف تعريفا
لفظيا مثال ثاني أن يقول صاحب التعريف الإنسان حيوان فنقضه السائل فقال ان
هذا التعريف غير مانع عن أغيار المعرف وكل تعريف هذا شأنه فهو فاسد ينتج ان
هذا التعريف فاسد ووجه كونه غير مانع ان التعريف وهو الحيوان صادق على فرد
فلاني وهو الفرس و المعرف وهو الإنسان غير صادق عليه فيجب صاحب التعريف
بمنع الكبرى فيقول لا نسلم ان كل تعريف غير مانع فهو فاسد لم لا يجوز أن
يكون التعريف تعريفا لفظيا مثال ثالث ان يقول صاحب التعريف الإنسان أبيض
فنقضه السائل فقال إن هذا التعريف غير جامع لأفراد المعرف وغير مانع عن
اغيار المعرف وكل تعريف هذا شأنه فهو فاسد ينتج ان هذا التعريف فاسد ووجه
كونه غير جامع ان المعرف وهو الإنسان صادق على فرد فلاني وهو الحبشي
والتعريف وهو الأبيض غير صادق عليه ووجه كونه غير مانع ان التعريف وهو
الأبيض صادق على فرد فلاني وهو الجص والمعرف وهو الإنسان غير صادق عليه
فيجب صاحب التعريف بمنع الكبرى فيقول لا نسلم ان كل تعريف غير جامع وغير
مانع فهو فاسد لم لا يجوز أن يكون التعريف تعريفا لفظيا اهـ
وبيان
صحة هذا المنع ان التعريف قسمان لفظي وحقيقي والأول تعيين معني اللفظ بلفظ
آخر واضح الدلالة على ذلك المعنى بالنسبة إلى السامع وهو طريق أهل اللغة
ويجوز بالأعم والأخص والأول كقولهم سعدان نبت والثاني كقول القاموس لها
لهوا لعب أقول اللعب نوع من اللهو
--------------------
(وبيان
صحة هذا المنع) أي منع الكبرى (ان التعريف قسمان لفظي وحقيقي والأول تعيين
معني اللفظ بلفظ آخر واضح الدلالة على ذلك المعنى بالنسبة إلى السامع)
كتعريف الغضنفر بالأسد والأسد واضح الدلالة على الحيوان المفترس بالنسبة
إلى السامع بخلاف الغضنفر فإنه لغة نادرة في الحيوان المفترس اهـ الآمدى
(وهو طريق أهل اللغة ويجوز بالأعم) فلا يكون مانعا (والأخص) فلا يكون جامعا
(والأول) أي التعريف بالأعم (كقولهم سعدان نبت) والسعدان نبت له شوك عظيم
من كل الجوانب (والثاني) أي التعريف بالأخص (كقول القاموس لها لهوا لعب)
فيه إشارة إلى ان التعريف اللفظي جار في جميع أقسام الكلمة إما في الاسم
والفعل فكما ذكر في الكتاب وإما في الحرف فكقولهم صليت بالمسجد أي في
المسجد بخلاف التعريف الحقيقي فانه لا يجرى إلا في الأسماء اهـ الآمدى
(أقول اللعب نوع من اللهو) وهو ما لا يكون فيه فائدة معتد بها سواء كان فيه
لذة أو لا واللعب لذة أفاده الآمدى
والثاني
يراد به التفصيل بذكر العام أولا والخاص ثانيا كقولك الإنسان حيوان ناطق
ويشترط فيه المساوة على مذهب المتأخرين فيبطل بعدم الجمع أو عدم المنع
والقدماء جوزوا التعريف بالأعم والأخص
--------------------
(والثاني)
وهو التعريف الحقيقي (يراد به التفصيل) أي تفصيل أجزاء المعرف (بذكر العام
أولا والخاص ثانيا كقولك الإنسان حيوان ناطق) وهو مثال للحد التام والحد
الناقص كقولك الإنسان جسم ناطق والرسم التام كقولك الإنسان حيوان ضاحك
والرسم الناقص كقولك الإنسان جسم ضاحك (ويشترط فيه المساوة) أي للمعرف في
العموم والخصوص فكل ما صدق عليه المعرف بالفتح صدق عليه المعرف بالكسر اهـ
القطب على الرسالة الشمسية (على مذهب المتأخرين فيبطل بعدم الجمع أو عدم
المنع والقدماء جوزوا التعريف بالأعم والأخص) أي إذا كان ناقصا حدا أو رسما
وأما الحد التام والرسم التام فقد اتفقوا في اشتراط المساوة قال في شرح
المواقف المساوة شرط للمعرف التام دون غيره حدا كان أو رسما اهـ الآمدي
أما
الأول ففي موضع يراد فيه بالتعريف تميز المعرف عن بعض الأشياء لاشتباهه به
كما إذا اشتبه المثلث بالدائرة عند السامع وأريد تميزه عنها فقط فيقال
المثلث شكل مضلع وأما الثاني ففي موضع يراد بالتعريف بيان الأفراد المشهورة
والله اعلم
--------------------
(أما
الأول) أي تجويزهم التعريف الحقيقي بالأعم اهـ الآمدي (ففي موضع يراد فيه
بالتعريف تميز المعرف عن بعض الأشياء) أي المغايرة للمعرف (لاشتباهه) أي
المعرف (به) أي بذلك البعض (كما إذا اشتبه المثلث) وهو شكل احاط به خطوط
الثلاثة مستقيمة (بالدائرة) وهو ما احاط خط واحد مستدير في داخله نقطة تكون
الخطوط الخارجة منها إليه متساوية اهـ الآمدي (عند السامع وأريد تميزه) أي
المثلث (عنها) أي من الدائرة (فقط) أي لا عن جميع الاغيار اهـ البهتي
(فيقال المثلث شكل مضلع) وهو أعم من المربع والمخمس والمسدس مثلا لكنه يخرج
الدائرة فقط اهـ الآمدي (وأما الثاني) أي تجويزهم التعريف الحقيقي بالأخص
(ففي موضع يراد بالتعريف بيان الأفراد المشهورة) كتعريف الحيوان بما يحرك
فكه الأسفل عند المضغ فهذا تعريف بالأخص فانه يخرج منه التمساح وهو فرد غير
مشهور اهـ الآمدي (والله اعلم)
فلصاحب التعريف منع الكبرى مستندا بأن المراد من التعريف تميز المعرف عن بعض الأشياء أو بيان الأفراد المشهورة تفطن فتح الله عليك
--------------------
(فلصاحب
التعريف منع الكبرى مستندا بأن المراد من التعريف تميز المعرف عن بعض
الأشياء) هذا إذا كان التعريف أعم اهـ الآمدي وتقريره أن يقول لا نسلم ان
كل تعريف غير مانع فهو فاسد لم لا يجوز أن يكون المراد من التعريف تميز
المعرف عن بعض الأشياء اهـ شيخنا (أو بيان الأفراد المشهورة) هذا إذا كان
التعريف أخص اهـ الآمدي وتقريره أن يقول لا نسلم ان كل تعريف غير جامع فهو
فاسد لم لا يجوز أن يكون المراد من التعريف بيان الأفراد المشهورة [حاصله ]
كل تعريف إذا أبطله السائل بعدم الجمع جاز لصاحب التعريف منع الكبرى
مستندا بأن المراد من التعريف بيان الأفراد المشهورة وكل تعريف إذا أبطله
السائل بعدم المنع جاز لصاحب التعريف منع الكبرى مستندا بأن المراد من
التعريف تميز المعرف عن بعض الأشياء مثال ذلك أن يقول صاحب التعريف الحيوان
ما يحرك فكه الأسفل عند المضغ فنقضه السائل فقال إن هذا التعريف غير جامع
لأفراد المعرف وكل تعريف الخ ووجه كونه غير جامع ان المعرف صادق على فرد
فلاني وهو التمساح والتعريف غير صادق عليه فيجيب المعلل بمنع الكبرى فيقول
لا نسلم ان كل تعريف غير جامع فهو فاسد لم لا يجوز أن يكون المراد من
التعريف بيان الأفراد المشهورة مثال ثان أن يقول صاحب التعريف المثلث شكل
مضلع فنقضه السائل فقال إن هذا التعريف غير مانع من اغيار المعرف وكل تعريف
الخ ووجه كونه غير مانع ان التعريف صادق على فرد فلاني وهو المربع والمعرف
غير صادق عليه فيجيب المعلل بمنع الكبرى فيقول لا نسلم ان كل التعريف غير
مانع فهو فاسد لم لا يجوز أن يكون المراد من التعريف تميز المعرف عن بعض
الأشياء (تفطن فتح الله عليك) آمين
فصل
في منع الصغرى في التقرير السابق اعلم ان الصغرى فيه تنحل إلى قضيتين فإذا
قلت انه غير جامع لفرد فلاني فكأنك قلت ان المعرف صادق عليه والتعريف غير
صادق عليه وإذا قلت انه غير مانع عن مادة فلانية فكأنك قلت عكس المذكور
--------------------
(فصل
في منع الصغرى في التقرير السابق) أي تقرير الإبطال بعدم الجمع أو بعدم
المنع وهي ان هذا التعريف غير جامع لأفراد المعرف أو ان هذا التعريف غير
مانع عن اغيار المعرف (اعلم ان الصغرى فيه) أي في تقرير السابق (تنحل إلى
قضيتين فإذا قلت انه غير جامع لفرد فلاني فكأنك قلت ان المعرف صادق عليه)
وهي القضية الأولى (والتعريف غير صادق عليه) وهي القضية الثانية (وإذا قلت
انه غير مانع عن مادة فلانية فكأنك قلت عكس المذكور) وهوان التعريف صادق
على فرد فلاني وهي القضية الأولى والمعرف غير صادق عليه وهي القضية الثانية
فلصاحب التعريف أن يمنع كلا من تينك القضيتين وسند ذلك المنع في الغالب تحرير المراد بالمعرف أو التعريف فاعرف سهل الله عليك
--------------------
(فلصاحب
التعريف أن يمنع كلا من تينك القضيتين وسند ذلك المنع في الغالب تحرير
المراد بالمعرف) هذا سند لمنع أن المعرف صادق على فرد فلاني أو لمنع ان
المعرف غير صادق عليه (أو التعريف) هذا سند لمنع ان التعريف صادق على فرد
فلاني أو لمنع ان التعريف غير صادق عليه (فاعرف) اشار به إلى تفصيل التحرير
وهو ان الصاحب التعريف إن منع صدق المعرف فتحريره أن يراد منه معنى لا
يصدق عليه وإن منع عدم صدق التعريف فتحريره أن يراد منه معنى لا يصدق عليه
وإن منع عكس المذكور فالتحرير عكس المذكور اهـ الآمدي مثال ذلك أن يقول
صاحب التعريف الإنسان زنجي فنقضه السائل فقال إن هذا التعريف غير جامع
لأفراد المعرف وكل تعريف الخ ووجه كونه غير جامع ان المعرف صادق على فرد
فلاني وهو الرومي والتعريف غير صادق عليه فيجيب صاحب التعريف بمنع الصغرى
فيقول لا نسلم ان المعرف صادق على الرومي مرادي منه معنى لا يصدق عليه أو
لا نسلم ان التعريف غير صادق عليه مرادي منه معنى يصدق عليه مثال ثان أن
يقول صاحب التعريف الإنسان حيوان فنقضه السائل فقال إن هذا التعريف غير
مانع عن اغيار المعرف وكل تعريف الخ ووجه كونه غير مانع ان التعريف صادق
على فرد فلاني وهو الفرس والمعرف غير صادق عليه فيجيب صاحب التعريف بمنع
الصغرى فيقول لا نسلم ان التعريف صادق على الفرس مرادي منه معنى لا يصدق
عليه (سهل الله عليك) آمين
فصل
في تقرير الإبطال بالثالث وهو ان هذا التعريف مستلزم للدور أو التسلسل وهو
محال وكل تعريف يستلزم المحال فهو فاسد ولا مجال لمنع الكبرى هنا بل يمنع
الاستلزام وسنده في الغالب تحرير التعريف أو يمنع الاستحالة مستندا بأن هذا
الدور غير محال أو ان هذا التسلسل غير محال وبيان محالهما عن عدم محالهما
في علم الكلام ويكفيك هنا هذا الإجمال
--------------------
(فصل
في تقرير الإبطال بالثالث) أي باستلزامه المحال (وهو ان هذا التعريف
مستلزم للدور أو التسلسل وهو محال وكل تعريف يستلزم المحال فهو فاسد) ينتج
ان هذا التعريف فاسد (ولا مجال لمنع الكبرى) وهي كل تعريف يستلزم المحال
فهو فاسد (هنا) أي في تقرير الإبطال بالثالث (بل يمنع الاستلزام وسنده في
الغالب تحرير التعريف) أي تحرير المراد بالتعريف (أو يمنع الاستحالة مستندا
بأن هذا الدور غير محال) أي لكونه دورا معيا لا سبقيا (أو ان هذا التسلسل
غير محال) أي لأنه تسلسل اعتباري لا حقيقي (وبيان محالهما عن عدم محالهما
في علم الكلام) أي في علم العقائد إذ لكل مقام مقال ولكل ميدان رجال اهـ
البهتى [ حاصله ] كل تعريف إذا أبطله السائل باستلزامه المحال فلا مجال
لمنع الكبرى بل بمنع الصغرى فإما أن يمنع الاسلتزام وسنده تحرير المراد
بالتعريف أو يمنع الاستحالة مستندا بأن هذا الدور أو هذا التسلسل غير محال
مثال ذلك أن يقول صاحب التعريف العلم معرفة المعلوم فنقضه السائل فقال إن
هذا التعريف مستلزم للدور وهو محال وكل تعريف يستلزم المحال فهو فاسد ينتج
ان هذا التعريف فاسد ووجه الاستلزام ان المعلوم مشتق من العلم ومعرفة
المشتق يتوقف على معرفة المشتق منه فيجيب صاحب التعريف بمنع الصغرى اما
بمنع الاستلزام فيقول لا نسلم ان هذا التعريف مستلزم للدور مرادي بالمعلوم
في التعريف ذاته فكأني قلت العلم معرفة الشيء أو بمنع الاستحالة فيقول لا
نسلم أن يكون هذا الدور محالا لم لا يجوز أن يكون دورا معيا (ويكفيك هنا
هذا الإجمال) آمين
واعلم
انه قد ينقض التعريف بأنه ليس بأجلي من المعرف كتعريف النار بأنه شيء يشبه
النفس في اللطافة أقول والنفس أخفي من النار ومن شرائط صحة التعريف كونه
أجلي من المعرف
--------------------
(واعلم
انه قد ينقض التعريف بأنه ليس بأجلي من المعرف) وتقريره ان هذا التعريف
ليس باجلى من المعرف وكل تعريف هذا شأنه فهو فاسد ينتج ان هذا التعريف فاسد
(كتعريف النار بأنه شيء يشبه النفس في اللطافة) وعدم الرؤية والمراد
بالنار الحر الساري في الجمر وقد يطلق على الجمر والمراد هنا الأول اهـ
الآمدي (أقول والنفس أخفي من النار) لأن النار يمكن معرفتها بالإحساس دون
النفس أي ووجه كونه ليس بأجلي من المعرف ان النفس أخفي من النار (ومن شرائط
صحة التعريف كونه أجلي من المعرف) وفيه تنبيه على انه لا مجال لمنع الكبرى
بل إنما يمنع الصغرى مسندا بتحرير التعريف المعرف بحيث يظهر به كونه
التعريف أحلي من المعرف اهـ الآمدى
وأما
استعمال الألفاظ الغريبة وإرادة المدلول الالتزامى واستعمال اللفظ المشترك
أو المجاز بدون القرينة الواضحة المعينة للمراد فهو يذهب حسن التعريف لا
صحته إذا كان المقصود أجلي من المعرف
--------------------
(وأما
استعمال الألفاظ الغريبة) أي في التعريف مثال أن يقول النار إسطقس فوق
الاسطقسات اهـ الآمدي (وإرادة المدلول الالتزامى) مثال أن يقول الإنسان ماش
الناطق فان الماشي يلزمه الحيوان أفاده الآمدي (واستعمال اللفظ المشترك أو
المجاز بدون القرينة الواضحة المعينة للمراد) كأن تقول في تعريف الشمس هي
عين وفي تعريف العالم هو بحر يلاطف الناس أفاده الباجوري على السلم ( فهو)
أي كل واحد من هذه الأمور اهـ الآمدي (يذهب) من الإذهاب (حسن التعريف لا
صحته) فلا يعترض على التعريف ببطلانه بل بانتفاء حسنه فيقال إن هذا التعريف
مشتمل على اللفظ الغريب أو على المدلول الإلتزامي أو على اللفظ المشترك
بدون قرينة معينة أو على المجاز بدونها وكل تعريف هذا شأنه فهو غير حسن
ينتج ان هذا التعريف غير حسن (إذا كان المقصود أجلي من المعرف) وأما إذا لم
يكن أجلى فيعترض على التعريف ببطلانه لا بانتفاء حسنه فقط اهـ الآمدي
فصل
اشتهر ان ناقص التعريف مستدل وموجهه مانع ومعناه ان الاعتراض على التعريف
لا يكون إلا بطريق الدعوى بطلانه والاستدلال على ذلك الدعوى بما عرفته وان
الجواب عن ذلك بمنع مقدمات ذلك الدليل وقد عرفته لكن هذا إذا لم يدع صاحب
التعريف بان هذا التعريف حد أو رسم فإذا ادعى انه حد فكأنه ادع ان العام
والخاص اللذين ذكرا فيه من الذاتيات فيسمى العام جنسا والخاص فصلا فإذا
ادعى انه رسم فكأنه ادعى ان احدهما أو كليهما من العرضيات
--------------------
(فصل
اشتهر ان ناقص التعريف) أي المعترض عليه اهـ البهتى (مستدل وموجهه) أي
دافع ذلك الاعتراض اهـ الآمدي (مانع ومعناه) أي معنى قولهم ان ناقص التعريف
مستدل وموجهه مانع اهـ الآمدي (ان الاعتراض على التعريف لا يكون إلا بطريق
الدعوى بطلانه والاستدلال) أي الإتيان بالدليل اهأ الآمدي (على ذلك الدعوى
بما عرفته) متعلق بالاستدلال وهو أعم من أن يكون بعد الجمع أو بعدم المنع
أو باستلزامه المحال أو بعدم كونه أجلى اهـ الآمدي (وان الجواب عن ذلك) أي
الاعتراض (بمنع مقدمات ذلك الدليل وقد عرفته لكن هذا) أي كون ناقص التعريف
مستدلا وموجهه مانعا اهـ الآمدي (إذا لم يدع صاحب التعريف بان هذا التعريف
حد أو رسم فإذا ادعى) أي صراحة (انه حد فكأنه ادعى) أي ضمنية (قوه ان العام
والخاص اللذين ذكرا فيه من الذاتيات فيسمى العام جنسا والخاص فصلا) مثال
ذلك أن يقول صاحب التعريف يحد الإنسان بأنه حيوان ناطق فكأنه ادعى ان
الحيوان والناطق من الذاتيات فيسمى الحيوان جنسا والناطق فصلا (فإذا ادعى)
أي صراحة (انه رسم فكأنه ادعى) أي ضمنية (ان احدهما أو كليهما من العرضيات)
مثال ذلك أن يقول صاحب التعريف يرسم الإنسان بأنه ماش ضاحك فكأنه ادعى ان
الماشي والضاحك من العرضيات اهـ
فيجوز الاعتراض بمنع كونهما من الذاتيات وبمنع كون احدهما أو كليهما من العرضيات ومورد المنع هنا الدعوى الضمنية فاعرف
--------------------
(فيجوز
الاعتراض) أي من قبل السائل (بمنع كونهما من الذاتيات) هذا عند الادعاء
بالحد اهـ البهتى (وبمنع كون احدهما أو كليهما من العرضيات) هذا عند
الادعاء بالرسم (ومورد المنع هنا) أي في مقام ادعاء صاحب التعريف بالحد أو
الرسم (الدعوى الضمنية) أي المستفادة من الادعاء بالحد أو الرسم مثال ذلك
أن يقول صاحب التعريف يحد الإنسان بأنه حيوان الناطق فمنعه السائل فقال
دعواك الضمنية التي صريحتها ان الحيوان والناطق من الذاتيات ممنوعة أو لا
نسلم ان الحيوان والناطق من الذاتيات مثال ثان أن يقول صاحب التعريف يرسم
الإنسان بأنه ماش ضاحك فمنعه السائل فقال دعواك الضمنية التي صريحتها ان
الماشي والضاحك احدهما أو كليهما من العرضيات أو لا نسلم ان الماشي والضاحك
احدهما أو كليهما من العرضيات (فاعرف) إشارة إلى ان المنع الوارد على
الدعوى الضمنية منع مجاز لغوى اهـ الآمدي
ودفع هذا إنما يكون بإثبات الذاتية والعرضية وهذا عسير لما قيل ان تمييز الذاتى من العرضي عسير
--------------------
(ودفع
هذا) أي المنع (إنما يكون بإثبات الذاتية والعرضية) أي بذكر دليل ينتج
الذاتية أو العرضية مثال ذلك أن يقول صاحب التعريف في المثال المذكور ان
الحيوان والناطق داخلان في ماهية ما تحتهما من الجزئيات وكل كلى هذا شأنه
فهو من الذاتيات ينتج ان الحيوان والناطق من الذاتيات أو يقول ان لماشى
والضاحك خارجات عن الماهية ما تحتهما من الجزئيات وكل كلى هذا شأنه فهو من
العرضيات ينتج ان الماشي والضاحك من العرضيات (وهذا) أي إثبات الذاتية
والعرضية (عسير لما قيل ان تمييز الذاتى من العرضي عسير) ووجه كونه عسيرا
ان الجنس يشبه العرض العام والفصل يشبه الخاصة فتمييزهما عسير ودون خرط
القتاد لكن هذا إنما يكون في الحقائق الموجودة وأما في المفهومات
الاعتبارية فتمييزه سهل اهـ الآمدي
واعلم
ان كون الحد بمعنى التركيب عن الذاتيات إنما هو عرف أهل الميزان ومن
وافقهم وأما في عرف أهل العربية فهو التعريف الجامع المانع سواء كان
بالذاتيات أو بالعرضيات فلمن قال يحد بكذا ان يدفع المنع المذكور بأن
المراد به عرف أهل العربية
--------------------
(واعلم
ان كون الحد بمعنى التركيب) أي المركب (عن الذاتيات إنما هو عرف أهل
الميزان ومن وافقهم وأما في عرف أهل العربية فهو) أي الحد (التعريف الجامع
المانع سواء كان بالذاتيات أو بالعرضيات فلمن قال يحد بكذا) أي فلصاحب
التعريف الذي ادعى ان هذا التعريف حد (ان يدفع المنع المذكور) أي الذي أورد
السائل على الدعوى الضمنية اهـ الآمدى (بأن المراد به) أي بالحد (عرف أهل
العربية) بأن يقول مرادي بالحد هو الحد عند عرف أهل العربية مثال ذلك أن
يقول صاحب التعريف يحد الإنسان بأنه حيوان ناطق فمنعه السائل فقال دعواك
الضمنية التي صريحتها ان الحيوان والناطق من الذاتيات ممنوعة فدفعه صاحب
التعريف فقال مرادي بالحد هو الحد عند عرف أهل العربية اهـ
ثم
اعلم ان المنع الذي هو الاعتراض أينما وقع في هذه الرسالة فهو بمعنى طلب
الدليل ويسمى نقضا تفصيليا ومناقضة وقد يستعمل في بعض الكتب بمنع الدفع
مطلقا سواء كان بطلب الدليل أو بالإبطال أو بالاستدلال
--------------------
(ثم
اعلم ان المنع الذي هو الاعتراض) احترز به عن المنع بمعنى التعريف المانع
(أينما وقع في هذه الرسالة) أي سواء كان في باب التعريف أو في باب التقسيم
أو في باب التصديق أو في الخاتمة اهـ الآمدي (فهو بمعنى طلب الدليل) سواء
كان على مقدمة الدليل أو على المدعى أو النقل وهذا مجاز في استعمال لفظ
المنع إذ لفظ المنع في عرفهم طلب الدليل على مقدمة الدليل اهـ الآمدي
(ويسمى) أي طلب الدليل مطلقا (نقضا تفصيليا ومناقضة) وممانعة (وقد يستعمل)
أي لفظ المنع (في بعض الكتب) أي في بعض الكتب الآدابية (بمنع الدفع) أي
الرد (مطلقا سواء كان بطلب الدليل) وهو المناقضة (أو بالإبطال) وهو النقض
الإجمالي (أو بالاستدلال) وهو المعارضة فيعم المنوع كلها اهـ
ثم
ان طلب الدليل قد يخلو عن ذكر السند كأن يقال لا نسلم ما ذكرته أو يقال هو
ممنوع ولا يزاد على هذا القدر ويسمى هذا منعا مجردا وقد يذكر معه سند
وسيجئ تفصيل السند في باب التصديق والمنع المجرد صحيح لكن المنع مع السند
أقوى منه والسند في عرفهم ما يذكر لتقوية المنع
--------------------
(ثم
ان طلب الدليل قد يخلو عن ذكر السند كأن يقال لا نسلم ما ذكرته أو يقال
هو) أي ما ذكرته (ممنوع) أي مطلوب البيان (ولا يزاد على هذا القدر) أي بذكر
المقوى للمنع وأورد مثالين إشارة إلى ان المنع قد يكون بغير ما يشتق من
لفظه وقد يكون بالمشتق منه والأول حقيقة في جميع موارد الاستعمالات والثاني
حقيقة في المقدمة مجاز في غيره اهـ الآمدي (ويسمى هذا منعا مجردا) أي
خاليا عن السند (قد يذكر معه) أي مع طلب الدليل اهـ البهتى (سند وسيجئ
تفصيل السند في باب التصديق) فانتظر فأنا منتظرون (والمنع المجرد صحيح) أي
مقبول عندهم (لكن المنع مع السند أقوى منه) أي من المنع المجرد (والسند في
عرفهم ما يذكر لتقوية المنع) أي لغرض تقوية المنع اهـ الآمدي
الباب الثاني في التقسيم
وهو
إما تقسيم الكلي إلى جزئياته وإما تقسيم الكل إلى أجزائه والكلي والكل سمي
مقسما ومورد القسمة ويسمى الجزئيات والأجزاء أقساما ويسمى كل قسم بالنسبة
إلى القسم الآخر قسيما ويسمى القسم الذي دخل في المقسم ولم يذكر في التقسيم
واسطة بين الأقسام
--------------------
(الباب
الثاني في التقسيم) أي في بيان المناظرة الجارية في التقسيم (وهو إما
تقسيم الكلي إلى جزئياته) الكلي ما لا يمنع نفس تصور مفهومه عن وقوع الشركة
فيه والجزئي ما يمنع نفس تصور مفهومه من وقوع الشركة فيه والمراد
بالجزئيات ما فوق الواحد فلا ينتقض التقسيم بتقسيم الكلى إلى جزئيين (وإما
تقسيم الكل إلى أجزائه) الكل مجموع الأجزاء والجزء ما يتركب منه الكل
والمراد بالأجزاء ما فوق الواحد فلا ينتقض التقسيم بتقسيم الكل إلى جزئيين
قال في شرح الوضع ان صح حمل المقسم على كل من الأقسام فهو الأول وإن لم يصح
فهو الثاني اهـ (والكلي والكل سمي مقسما ومورد القسمة) أما تسميته مقسما
فلكونه محل القسمة وأما تسميته موردا فلورود القسمة عليه اهـ الآمدي (ويسمى
الجزئيات والأجزاء أقساما) ويسمى كل منهما قسما اهـ البهتى (ويسمى كل قسم
بالنسبة إلى القسم الآخر قسيما) مثلا إذا قسمت الحيوان إلى ناطق وغير ناطق
كان كل منهما قسما للحيوان وقسما للآخر اهـ الآمدي (ويسمى القسم الذي دخل
في المقسم ولم يذكر في التقسيم) سواء كان تقسيم الكل إلى الأجزاء أو تقسيم
الكلي إلى الجزئيات اهـ (واسطة بين الأقسام) كقولنا الإنسان إما ذكر أو
أنثى فالخنثى داخل في المقسم وهو الإنسان ولم يذكر في التقسيم فهو واسطة
بين الأقسام اهـ الآمدي
وشرط
صحة التقسيم الجمع والمنع ويسمى الأول الحصر ومعناه أن لا يترك في التقسيم
ذكر بعض ما دخل في المقسم ومعنى الثاني أن لا يذكر في التقسيم ما لم يدخل
في المقسم ومن شرائطه أيضا تباين الأقسام
--------------------
(وشرط
صحة التقسيم) سواء كان تقسيم الكلي إلى الجزئيات أو تقسيم الكل إلى
الأجزاء اهـ (الجمع) أي كون التقسيم جامعا لأقسامه (والمنع) أي كون التقسيم
مانعا لاغيار المقسم اهـ الآمدي (ويسمى الأول) وهو الجمع (الحصر ومعناه أن
لا يترك في التقسيم ذكر بعض ما دخل في المقسم) كقولنا الإنسان إما ذكر أو
أنثى (ومعنى الثاني أن لا يذكر في التقسيم ما لم يدخل في المقسم) كقولنا
الكلمة إما اسم أو فعل أو حرف أو جملة (ومن شرائطه أيضا تباين الأقسام)
اعلم ان التباين قسمان احدهما التباين في الواقع وهو أن لا يتصادق الأقسام
على شيء واحد وهذا في التقسيم الحقيقي والآخر التباين في العقل وهو تمايز
مفهوم الأقسام في العقل ولا يضر تصادق الأقسام على شيء واحد وهذا في
التقسيم الاعتباري اهـ الآمدي
فصل
في تقسيم الكلى إلى جزئياته ومعناه ضم قيود إلى المقسم فقد يذكر المقسم في
الأقسام صريحا كقولك الإنسان إما إنسان أبيض وإما إنسان أسود وقد يدخل في
مفهوم الأقسام كقولك الكلمة إما اسم أو فعل أو حرف وقد يحذف وهو مراد كقولك
الإنسان إما أبيض أو اسود
--------------------
(فصل
في تقسيم الكلى إلى جزئياته ومعناه ضم قيود) والمراد بالقيود ما فوق
الواحد كما هو المشهور في التعريفات اهـ الآمدي (إلى المقسم) أي لتحصيل
المفهومات المتباينة التي هي الأقسام (فقد يذكر المقسم في الأقسام صريحا
كقولك الإنسان إما إنسان أبيض وإما إنسان أسود) وكقولك الإنسان إما إنسان
رومي أو إنسان حبشي (وقد يدخل في مفهوم الأقسام كقولك الكلمة إما اسم أو
فعل أو حرف) لأن مفهوم الاسم كلمة دلت على معنا في نفسها ولم تقترن بزمان
وضعا ومفهوم الفعل كلمة دلت على معنا في نفسها واقترنت بزمان وضعا ومفهوم
الحرف كلمة دلت على معنا في غيرها (وقد يحذف وهو مراد) أي يذكر في الأقسام
مقدرا لا صريحا (كقولك الإنسان إما أبيض أو اسود) أي إما إنسان أبيض أو
إنسان اسود وكقولك الإنسان إما رومي أو حبشي أي إما إنسان رومي أو إنسان
حبشي وقد يذكر في بعض الأقسام صريحا ويقدر فيما عداه كقولك الحيوان إما
حيوان ناطق أو صاهل
ثم
ان هذا التقسيم إما عقلي وإما استقرائي والأول ما لا يجوز العقل فيه قسما
آخر ويكون ذكر الأقسام فيه بالترديد بين الإثبات والنفي كقولك المعلوم إما
موجود أو لا والثاني ما يجوز العقل فيه قسما آخر لكن ذكر فيه ما علم
بالاستقراء كقولك العنصر إما ارض أو ماء أو هواء أو نار
--------------------
(ثم
ان هذا التقسيم) أي تقسيم الكلى إلى جزئياته (إما عقلي وإما استقرائي
والأول ما لا يجوز) بكسر الواو المشددة (العقل فيه قسما آخر) بل يجزم
انحصار المقسم في الأقسام المذكورة فيه (ويكون ذكر الأقسام فيه بالترديد
بين الإثبات والنفي) وفي هذا إشارة إلى أن الترديد بينهما في هذا التقسيم
مما لابد منه ولا ينفك عنه لكن قد يكون الترديد بينهما صريحا (كقولك
المعلوم إما موجود أو لا) وقد يكون مفهوما كقولك العدد إما زوج أو فرد
وكلما لا يردد مع انه مراد كقولك العدد زوج وفرد اهـ الآمدي (والثاني) أي
الاستقرائي (ما يجوز العقل فيه قسما آخر لكن ذكر فيه ما علم بالاستقراء)
فيكون الجزم بانحصار المقسم في الأقسام مستندا إلى الاستقراء دون العقل
(كقولك العنصر) أي مادة الأجسام المركبة وهي الحيوان والنبات والمعدن اهـ
الآمدي (إما ارض أو ماء أو هواء أو نار) فإن العقل يجوز أن يكون للعنصر قسم
آخر لكن ما علم بالاستقراء هذه الأربعة لا غير اهـ البهتى
والتقسيم
الاستقرائي حقه أن لا يردد فيه بين الإثبات والنفي لكن قد يذكر في صورة
الحصر العقلي بالترديد كذلك فيكون بعض الأقسام مرسلا البتة ومعنى إرساله أن
يكون مفهوم القسم أعم مما وجد بالاستقراء مما صدق عليه ومعنى هذا العموم
أن يجوز العقل صدق ذلك المفهوم على غير ما وجد كقولك العنصر إما ارض أو لا
والثاني إما ماء أو لا والثالث إما هواء أو لا وهو النار فالقسم الأخير
مرسل أي لا ينحصر في النار بحسب العقل بل بحسب الاستقراء
--------------------
(والتقسيم
الاستقرائي حقه أن لا يردد فيه بين الإثبات والنفي) إما أن لا يردد أصلا
أو يردد لا بين النفي والإثبات (لكن قد يذكر في صورة الحصر العقلي بالترديد
كذلك) أي كالترديد بين النفي والإثبات (فيكون بعض الأقسام مرسلا البتة)
وهي منصوبة على انها مصدر لفعل محذوف وجوبا وهو بت أي قطع فأصلها بتة كرحمة
ثم ادخل عليها أل فسقط التنوين فصار البتة وهي بمعنى جدا أي بلا شك اهـ
البهتى (ومعنى إرساله أن يكون مفهوم القسم) أي المرسل (أعم مما وجد
بالاستقراء مما صدق عليه) أي صدق مفهوم القسم عليه (ومعنى هذا العموم) أي
عموم القسم المرسل (أن يجوز العقل صدق ذلك المفهوم على غير ما وجد) أي لا
ينحصر بحسب العقل فيما وجد بالاستقراء (كقولك العنصر إما ارض أو لا والثاني
إما ماء أو لا والثالث إما هواء أو لا وهو النار فالقسم الأخير مرسل أي لا
ينحصر في النار بحسب العقل) إذ يجوز العقل أن يكون مفهوم القسم المرسل
غيرها كالنور والسماء (بل بحسب الاستقراء) ولذا خصص بالنار [ تنبيه ] وكل
من العقلي والاستقرائي إما حقيقي أو اعتباري لأنه إما أن يكون بين كل قسم
بالنسبة لما عداه من الأقسام تباين في الواقع أو في العقل والأول حقيقي
والثاني اعتباري ويسمى أقسام الأول أقساما حقيقية كما مر وأقسام الثاني
أقسما اعتبارية كقولك الفعل إما لازم أو متعد اهـ الآمدي
فصل
في الاعتراض على حصر التقسيم فان كان عقليا ينقضه السائل بوجود قسم آخر
يجوزه العقل وان كان استقرائيا ينقضه بوجود قسم آخر متحقق في الواقع
--------------------
(فصل
في الاعتراض على حصر التقسيم) أي اعتراض السائل على تقسيم الكلى إلى
جزئياته بانتفاء الحصر والاعتراض أعم من المنع والنقص والمعارضة ويجوز
التخصيص بالنقض اهـ الآمدي (فان كان عقليا ينقضه السائل بوجود قسم آخر
يجوزه العقل) سواء كان متحققا في الواقع أو لا ولا يشترط فيه تحقق القسم
المجوز في الواقع اهـ الآمدي وتقريره أن يقال إن هذا التقسيم باطل لأنه غير
حاصر بوجود قسم آخر يجوزه العقل وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل (وان كان
استقرائيا ينقضه بوجود قسم آخر متحقق في الواقع) ولا يكفي فيه الجواز بل
لابد من وجوده في الواقع اهـ الآمدي وتقريره أن يقال إن هذا التقسيم باطل
لأنه غير حاصر بوجود قسم آخر متحقق في الواقع وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل
قال الآمدي ولابد من بيان الصغرى إن لم يكن بديهية جلية اهـ
وقد
يظن السائل التقسيم الاستقرائي المردد بين النفي والإثبات تقسيما عقليا
فيقول انه باطل لتجويز العقل قسما آخر كأن يقول في تقسيم العنصر كما ذكرنا
ان القسم الأخير لا ينحصر في النار إذ يجوز العقل أن ينقسم إلى النار
وغيرها فيجاب عنه بأن القسمة استقرائية والقسم الذي جوزته غير متحقق في
الواقع والتقسيم الاستقرائي لا يبطل إلا بوجود قسم آخر في الواقع
--------------------
(وقد
يظن السائل التقسيم الاستقرائي المردد بين النفي والإثبات تقسيما عقليا)
إذ حقه أن لا يردد بين النفي والإثبات اهـ الآمدي (فيقول انه باطل لتجويز
العقل قسما آخر) أي لأنه غير حاصر بوجود قسم آخر يجوزه العقل وكل تقسيم هذا
شأنه فهو باطل (كأن يقول) أي السائل (في تقسيم العنصر كما ذكرنا) أي
العنصر إما ارض أولا والثاني إما ماء أولا والثالث إما هواء أولا وهو النار
اهـ البهتي (ان القسم الأخير) وهو قوله أولا في الأخير اهـ الآمدي (لا
ينحصر في النار إذ يجوز العقل أن ينقسم إلى النار وغيرها) كالسماء والنور
(فيجاب عنه) أي عن ذلك الاعتراض (بأن القسمة استقرائية) لا عقلية كما ظننته
(والقسم الذي جوزته غير متحقق في الواقع) أي غير موجود في نفس الأمر
(والتقسيم الاستقرائي لا يبطل إلا بوجود قسم آخر في الواقع) وحاصل هذا
الجواب منع الكبرى مستندا بأن القسمة استقرائية وتقريره أن يقال لا نسلم ان
كل تقسيم غير حاصر بوجود قسم آخر يجوزه العقل فهو باطل لم لا يجوز أن يكون
هذا التقسيم تقسيما استقرائيا والقسم الذي جوزته غير متحقق في الواقع
والتقسيم الاستقرائي لا يبطل إلا بوجود قسم آخر متحقق في الواقع
فإذا أبطلهما السائل بعدم الحصر فقد يجيب عنه القاسم بتحرير المقسم أعنى أن يراد منه معنى لا يشمل الواسطة
--------------------
(فإذا
أبطلهما) أي أحدهما من التقسيم العقلي والاستقرائي (السائل بعدم الحصر)
وقد عرفت تقريرهما (فقد يجيب عنه) أي عن ذلك الإبطال (القاسم) أي صاحب
التقسيم والمراد منه من التزم صحة التقسيم سواء صدر عنه التقسيم أولا
(بتحرير المقسم أعنى أن يراد منه معنى لا يشمل الواسطة) وحاصل هذا الجواب
منع الصغرى مستندا بتحرير المراد من المقسم وتقريره أن يقال لا نسلم ان هذا
التقسيم غير حاصر لم لا يجوز أن يكون المراد بالمقسم معنى لا يشمل الواسطة
مثال ذلك أن يقول صاحب التقسيم المعلوم إما موجود أو معدوم فنقضه السائل
فقال ان هذا التقسيم باطل لأنه غير حاصر بوجود قسم آخر يجوزه العقل وكل
تقسيم هذا شأنه فهو باطل ووجه كونه غير حاصر ان الحال قسم من المعلوم ولم
يذكر في التقسيم فيجيب صاحب التقسيم بمنع الصغرى بأنا لا نسلم ان هذا
التقسيم غير حاصر لم لا يجوز أن يكون المراد بالمقسم وهو المعلوم معنى لا
يشمل الواسطة وهو الحال
فصل
قد ينقض التقسيم بأنه يلزم فيه أن يكون قسم الشيء في الواقع قسيما له وذلك
إذا كان بعض القسم أعم من الآخر كما إذا قلت الجسم إما حيوان أو نام فإن
الحيوان قسم من النامي في الواقع وقد جعل في هذا التقسيم قسيما له ويجاب
عنه بمنع اللزوم المذكور مستندا بالتحرير أعنى أن يراد نام غير
الحيوان
--------------------
(فصل
قد ينقض التقسيم) أي تقسيم الكلى إلى جزئياته (بأنه) أي هذا التقسيم باطل
لأنه (يلزم فيه أن يكون قسم الشيء في الواقع قسيما له) وكل تقسيم هذا شأنه
فهو باطل (وذلك) أي النقض (إذا كان بعض القسم أعم من الآخر) أي مطلقا
بقرينة المثال اهـ شرح (كما إذا قلت الجسم إما حيوان أو نام فإن الحيوان
قسم من النامي في الواقع وقد جعل في هذا التقسيم قسيما له) أي مباينا له
(ويجاب عنه) أي عن هذا النقض اهـ البهتى (بمنع اللزوم المذكور) وهو الصغرى
اهـ البهتى (مستندا بالتحرير) أي بتحرير القسم الأعم اهـ شرح (أعنى أن يراد
نام غير الحيوان) إذا العام إذا قوبل بالخاص يراد به ما وراء الخاص اهـ
الآمدي مثال ذلك أن يقول صاحب التقسيم الجسم إما حيوان أو نام فنقضه السائل
فقال إن هذا التقسيم باطل لأنه يلزم فيه أن يكون قسم الشيء في الواقع
قسيما له وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل ووجه اللزوم ان الحيوان قسم من
النامي في الواقع وقد جعل في التقسيم قسيما له فيجيب صاحب التقسيم بمنع
الصغرى بأنا لا نسلم ان هذا التقسيم يلزم فيه أن يكون قسم الشيء في الواقع
قسيما له لم لا يجوز أن يكون المراد من النامي ما عدا الحيوان فكأني قلت
الجسم إما حيوان أو غير حيوان اهـ
وقد
ينقض بأنه يلزم فيه أن يكون قسيم الشيء في الواقع قسما له وذلك إذا كان
بعض الأقسام مباينا للمقسم كما إذا قلت الإنسان إما فرس أو زنجي فالفرس
قسيم للإنسان لأنهما قسمان من الحيوان وقد جعل في هذا التقسيم قسما له
--------------------
(وقد
ينقض بأنه) أي هذا التقسيم باطل لأنه (يلزم فيه أن يكون قسيم الشيء في
الواقع قسما له) وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل (وذلك) أي النقض (إذا كان بعض
الأقسام مباينا للمقسم كما إذا قلت الإنسان إما فرس أو زنجي فالفرس قسيم
للإنسان لأنهما قسمان من الحيوان وقد جعل في هذا التقسيم قسما له) أي
للإنسان وقد يجاب عن هذا النقض بمنع اللزوم وهو الصغرى مستندا بتحرير
المقسم أو القسم أو كليهما قبل لم يتعرض للجواب لعدم إمكانه في المثال
المذكور أقول فيه نظر لأنه يجوز أن يكون المراد من الإنسان الحيوان ومن
الزنجي الإنسان إطلاقا للخاص على العام اهـ الآمدي
وقد
ينقض بأن القسم فيه أعم من المقسم كما إذا قلت الإنسان إما ابيض أو اسود
فيجاب عنه بأن المقسم معتبر في الأقسام وقد ينقض بأنه تقسيم الشيء إلى نفسه
وإلى غيره وذلك إذا كان بعض الأقسام مساويا للمقسم كتقسيم الإنسان إلى
البشر والزنجي
--------------------
(وقد
ينقض بأن القسم فيه أعم من المقسم) أي إذا كان بينهما عموم مطلق كما إذا
قلت الضاحك إما حيوان أو زنجي أو من وجه (كما إذا قلت الإنسان إما ابيض أو
اسود فيجاب عنه) أي عن هذا النقض بمنع الصغرى مستندا بتحرير القسم الأعم
(بأن المقسم معتبر في الأقسام) فالقسم إنسان ابيض وإنسان اسود لا الأبيض
والأسود وحدهما اهـ البهتى (وقد ينقض بأنه تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره)
وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل (وذلك) أي النقض (إذا كان بعض الأقسام مساويا
للمقسم) والمراد من المساواة هنا اتحاد الشيئين فيما صدقا عليه سواء كانا
متحدين مفهوما فيكونان مترادفين أولا فيكونان متساويين اصطلاحا مشهورا اهـ
شرح (كتقسيم الإنسان إلى البشر والزنجي) فيجاب عن هذا بمنع الصغرى مستندا
بتحرير القسم أو المقسم أو كليهما وفي المثال المذكور بتحرير القسم بأن
يراد من البشر غير الزنجي إطلاقا للعام على الخاص اهـ
فصل
قد ينقض التقسيم بأن فيه تصادق الأقسام أي صدقها على الشيء واحد وذلك إذا
كان بين الأقسام كلها أو بعضها عموم من وجه كما إذا قلنا الحيوان إما إنسان
وإما ابيض لأنهما يصدقان على الإنسان الأبيض قال في شرح المطالع المقصود
من التقسيم التمايز بين الأقسام أقول يعنى من التمايز التباين لكن التصادق
إنما يبطل به التقسيم الحقيقي وهو جعل المقسم أشياء متمايزة في الواقع ولا
يضر التقسيم الاعتباري وهو تقسيم الكلى إلى مفهومات متباينة في العقل وإن
كانت متصادقة في الواقع كتقسيم الكلى إلى أقسامه الخمسة مع انها متصادقة في
الملون كما بينه الفنارى فقد يعترض على التقسيم بأنه باطل التصادق الأقسام
فيه فيجاب عنه بأنه تقسيم اعتباري يكفي فيه تمايز الأقسام بحسب المفهوم
ولا يضره التصادق أقول فالشيء الواحد باعتبار اتصافه بمفهومات متخالفة
يعتبر أشياء متعددة فيدخل في الأقسام المتعددة
--------------------
(فصل
قد ينقض التقسيم بأن) هذا باطل لأن (فيه تصادق الأقسام أي صدقها على الشيء
واحد) وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل (وذلك إذا كان بين الأقسام كلها أو
بعضها عموم من وجه كما إذا قلنا الحيوان إما إنسان وإما ابيض لأنهما يصدقان
على الإنسان الأبيض) وهو الرومي (قال) القطب الرازى (في شرح المطالع
المقصود من التقسيم التمايز بين الأقسام) وفيه إشارة لدليل الكبرى أي لو لم
يكن كل تقسيم فيه تصادق الأقسام فهو باطل لما كان المقصود من التقسيم
التمايز بين الأقسام لكن كان المقصود من التقسيم التمايز بين الأقسام على
ما قاله شارح المطالع أفاده الآمدي ولما كان معنى التمايز خفيا يتبادر منه
التمايز في الواقع قال (أقول يعنى) يقصد القطب (من التمايز التباين) أعم من
أن يكون في الواقع أو في العقل اهـ الآمدي (لكن التصادق إنما يبطل به
التقسيم الحقيقي وهو جعل المقسم أشياء متمايزة في الواقع) كتقسيم المعلوم
إلى الموجود والمعدوم (ولا يضر التقسيم الاعتباري وهو تقسيم الكلى إلى
مفهومات متباينة في العقل) أي لا في الواقع (وإن كانت متصادقة في الواقع
كتقسيم الكلى) عند الميزانيين ( إلى أقسامه الخمسة) وهي الجنس والنوع
والفصل والخاصة والعرض العام (مع انها متصادقة في الملون كما بينه الفنارى)
حيث قال يمكن أن يكون شيء واحد جنسا ونوعا وفصلا وخاصة وعرضا عاما كالملون
اهـ ومعنى الملون ما يتصف بلون من الألوان كالسواد والبياض والحمرة
والصفرة فإنه جنس للأسود والأبيض أي أعم منهما فإن ماهية الأسود ملون بلون
مفرد لا ينسلخ لونه وماهية الأبيض ملون بلون مفرد ينسلخ لونه ونوع للمكيف
أي أخص منه فإن المكيف يعم الملون وغير الملون كالصوت وفصل للكشيف أي للجسم
الكشيف إذ تعريفه جسم ملون وخاصة للجسم فإن ما ليس بجسم بأن يكون جوهرا
مجردا كالنفس الإنسائية فلا يمكن أن يكون ملونا مع أن الملون أخص من الجسم
فإنه لا يصدق على الجسم اللطيف كالهواء فإنه جسم وليس بملون وعرض عام
للحيوان لأنه عارض لغير الحيوان كالحجر أفاده الآمدي والبهتى (فقد يعترض)
أي السائل (على التقسيم) أي على تقسيم الكلى على أقسامه الخمسة اهـ الآمدي
(بأنه باطل التصادق الأقسام فيه) أي لأن هذا التقسيم فيه تصادق الأقسام وكل
تقسيم هذا شأنه فهو باطل (فيجاب عنه) أي عن هذا الاعتراض بمنع الكبرى
مستندا (بأنه تقسيم اعتباري يكفي فيه تمايز الأقسام بحسب المفهوم ولا يضره
التصادق) أي تصادق الأقسام ولما كان هنا مظنة توهم ان الملون شيء واحد
بالذات مع انه يكون ما صدقا لكل من الأقسام الخمسة دفعه بقوله (أقول فالشيء
الواحد) كالملون (باعتبار اتصافه بمفهومات متخالفة) كمفهومات الكليات
الخمس (يعتبر أشياء متعددة) وإن كان متحدان بالذات (فيدخل) باعتبارات
مختلفة (في الأقسام المتعددة) فإن الملون مثلا باعتبار اتصافه بالمقولية
على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو جنس وباعتبار اتصافه بالمقولية
على كثيرين متفقين بالحقائق في جواب ما هو نوع وباعتبار اتصافه بالمقولية
في جواب أي شيء هو في ذاته فصل وباعتبار اتصافه بالمقولية في جواب أي شيء
هو في عرضه خاصة وباعتبار اتصافه بالمقولية العرضية على ما فوق حقيقة واحدة
عرض عام اهـ شرح
وقد
يجاب عن مثل هذا الاعتراض بمنع الصغرى مستندا بتحرير الأقسام كلا أو بعضا
فاعرفوا ولولا ان هذا أو ان سقوط همتي لزدتكم بيانا هداكم الله تعالى
--------------------
(وقد يجاب عن مثل هذا الاعتراض) أي في غير هذا التقسيم اهـ البهتي أي وإن لم يمكن في خصوص هذا التقسيم اهـ الآمدي (بمنع الصغرى مستندا بتحرير الأقسام كلا أو بعضا) مثال ذلك أن يقول صاحب التقسيم الحيوان إما إنسان وإما ابيض فنقضه السائل فقال إن هذا التقسيم باطل لأن فيه تصادق الأقسام وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل ووجه التصادق ان الإنسان والأبيض ويدقان على شيء واحد وهو الإنسان الأبيض فيجيب صاحب التقسيم بمنع الصغرى بانا لا نسلم ان هذا التقسيم فيه تصادق الأقسام لم لا يجوز أن يكون المراد بالإنسان غير الأبيض وبالأبيض غير الإنسان فكأني قلت الحيوان إما إنسان أو غير إنسان أو قلت الحيوان إما ابيض أو غير ابيض (فاعرفوا) أيها المستفيدون (ولولا ان هذا) أي التأليف (أو ان سقوط همتي) أي بضعف القوى من شيبتي (لزدتكم بيانا) وتمام البيان في رسالته المسماة بتقرير القوانين فإن أردتم التفصيل فارجعوا إليه اهـ الآمدي (هداكم الله تعالى) بتفضله تبيانا اهـ البهتي
--------------------
(وقد يجاب عن مثل هذا الاعتراض) أي في غير هذا التقسيم اهـ البهتي أي وإن لم يمكن في خصوص هذا التقسيم اهـ الآمدي (بمنع الصغرى مستندا بتحرير الأقسام كلا أو بعضا) مثال ذلك أن يقول صاحب التقسيم الحيوان إما إنسان وإما ابيض فنقضه السائل فقال إن هذا التقسيم باطل لأن فيه تصادق الأقسام وكل تقسيم هذا شأنه فهو باطل ووجه التصادق ان الإنسان والأبيض ويدقان على شيء واحد وهو الإنسان الأبيض فيجيب صاحب التقسيم بمنع الصغرى بانا لا نسلم ان هذا التقسيم فيه تصادق الأقسام لم لا يجوز أن يكون المراد بالإنسان غير الأبيض وبالأبيض غير الإنسان فكأني قلت الحيوان إما إنسان أو غير إنسان أو قلت الحيوان إما ابيض أو غير ابيض (فاعرفوا) أيها المستفيدون (ولولا ان هذا) أي التأليف (أو ان سقوط همتي) أي بضعف القوى من شيبتي (لزدتكم بيانا) وتمام البيان في رسالته المسماة بتقرير القوانين فإن أردتم التفصيل فارجعوا إليه اهـ الآمدي (هداكم الله تعالى) بتفضله تبيانا اهـ البهتي
فصل
في تقسيم الكل إلى أجزائه وهو تحصيل ماهية المقسم بذكر أجزائه فليس فيه ضم
قيود إلى المقسم وشرطه الحصر وتباين الأقسام ودخول كل قسم في المقسم
كتقسيم المعجون إلى عسل وشونير واستخرج الاعتراض عليه ودفعه
--------------------
(فصل
في تقسيم الكل إلى أجزائه وهو تحصيل ماهية المقسم) أي تفصيل حقيقته اهـ
الآمدي (بذكر أجزائه) أي أجزاء المقسم جميعا (فليس فيه ضم قيود إلى المقسم)
لأن المقسم لا يدخل في حقيقة الجزء فلا تجوز إدخال حرف الترديد في هذا
التقسيم على أقسامه لعدم جواز حمل كل قسم منها على المقسم اهـ الآمدي
(وشرطه الحصر) بأن يذكر في الأقسام جميع ما كان جزأ من المقسم (وتباين
الأقسام) أي في الواقع وهذا التقسيم لا يكون إلا حقيقيا واستقرائيا ولا
يجوز أن يكون اعتباريا ولا عقليا مال إليه كلام بعض المحققين وصرح المصنف
في قوانينه اهـ الآمدي (ودخول كل قسم في المقسم) أي أن لا يذكر في الأقسام
ما لم يكن جزأ من المقسم وهذا لازم للمنع الذي هو الشرط الثاني فيما سبق
(كتقسيم المعجون إلى عسل وشونير) بضم الشين وفتحها فلا يقال المعجون إما
عسل أو شونير بل يقال المعجون عسل وشونير لأن المحمول على الكل هو المجموع
لا كل واحد من أجزائه اهـ الآمدي أو كتقسيم الإنسان إلى الحيوان والناطق
وكتقسيم المصنف كتابه إلى أجزائه اهـ البهتى والشونير الحبة السوداء روي عن
أبي هريرة رضي الله عنه "الحبة السوداء شفاء عن كل داء إلا السام" وله
منافع كثيرة يحلل النفخ ويقتل الديدان وينفع الزكام والصداع والماء العارض
في العين وغير ذلك مما ذكر في كتاب الطب اهـ الآمدي (واستخرج الاعتراض
عليه) أي على هذا التقسيم بانتفاء الشرط الأول والثاني والثالث (ودفعه) أي
دفع الاعتراض عليه فإن اتقنت وجوه الاعتراض ودفعه فيما سبق سهل الله عليك
الأسئلة والأجوبة والله اعلم بحقيقة الحال اهـ
فصل
في بيان تحرير المراد اعلم ان معنى تحرير المراد إرادة معنى غير ظاهر من
اللفظ كإرادة الخاص من العام بقرينة المقابلة لكن لا يصح إرادة المجاز بدون
العلاقة المعتبرة المذكور في علم البيان فلا يراد الفرس من الكتاب مثلا
وأما القرينة المانعة عن إرادة المعنى الحقيقي فلا تجب إذا كان المحرر
مانعا لأن المانع يكفيه الجواز والقرينة المانعة إنما تشترط للقطع بالمعنى
المجازى لا لتجويزه
--------------------
(فصل
في بيان تحرير المراد) ولما كان أكثر الأجوبة مبنيا عليه مست الحاجة إلى
بيان تحرير المراد وأورد له فصلا مستقلا فقال (اعلم ان معنى تحرير المراد)
في اللغة بيان المراد من الشيء مطلقا وقيل التحرير هو البيان بالكتابة كما
ان التقرير هو البيان بالعبارة وفي الاصطلاح (إرادة معنى غير ظاهر من
اللفظ) حقيقيا كان المعنى أو مجازيا (كإرادة) المعنى (الخاص من) اللفظ
(العام) قبل هذه الإرادة حقيقة وقيل مجاز وقيل إن أطلق العام على الخاص
باعتبار عمومه فحقيقة وباعتبار خصوصه فمجاز اهـ الآمدي (بقرينة المقابلة)
مثلا إذا قسمنا الجسم إلى الحيوان والنامي فاعترض بأنه يلزم أن يكون قسم
الشيء في الواقع قسيما له وأجيب بأن المراد من النامي ماعدا الحيوان بقرينة
ذكره في مقابلة الحيوان (لكن لا يصح إرادة المجاز) أي المعنى المجاز (بدون
العلاقة المعتبرة) أي الملحوظة بين المعنيين حتى لو وجدت العلاقة ولم
تلاحظ لم تكن مجازا بل غلطا اهـ الآمدي (المذكور في علم البيان) كالمشابهة
وغيره (فلا يراد الفرس من الكتاب مثلا) لعدم العلاقة المصححة بينهما اهـ
البهتى مثلا إذا قسمنا الحيوان إلى الإنسان والكتاب فاعترض بأنه يلزم أن
يكون قسيم الشيء في الواقع قسما له فلا يجاب بأن المراد من الكتاب الفرس
(وأما القرينة المانعة عن إرادة المعنى الحقيقي فلا تجب إذا كان المحرر
مانعا) أي يجوز للمانع التحرير بإرادة المعنى المجازى بدون القرينة المانعة
عن إرادة المعنى الحقيقي (لأن المانع يكفيه الجواز) أي جواز سنده عقلا
(والقرينة المانعة إنما تشترط للقطع بالمعنى المجازى لا لتجويزه) أي لا
تشترط القرينة المانعة لتجويز المعنى المجازى
الباب الثالث
في
التصديق وما في معناه من المركبات الناقصة اعلم ان التصديق إذا قاله أحد
يقال له الدعوى والمدعى وقائله المعلل لأن من شأنه التعليل عليه
--------------------
(الباب
الثالث في التصديق) أي في بيان المناظرة الجارية في التصديق أي القضية
(وما في معناه من المركبات الناقصة) أي التي هي قيود للمركبات التامة اهـ
الآمدي (اعلم ان التصديق) أي حقيقة أو حكما (إذا قاله أحد) صريحا أو ضمنا
من عند نفسه (يقال له لدعوى والمدعى وقائله المعلل لأن من شأنه التعليل
عليه) وهو تبيين علة الشيء كالاستدلال وقيل هو تبيين علة الشيء كما إذا
قلنا هذا محموم لأنه متعفن الأخلاط وكل متعفن الأخلاط محموم ويسمى هذا
بالدليل اللمى والاستدلال تبيين معلول الشيء كما إذا قلنا هذا متعفن
الأخلاط لأنه محموم وكل محموم متعفن ويسمى هذا بالدليل الإني اهـ البهتى
فإن
لم يكن مقرونا بدليل ولم يكن بديهيا جليا فللسائل أن يمنعه ومعناه طلب
الدليل عليه وإن كان بديهيا جليا فلا يصح منعه ويسمى منعه مكابرة
--------------------
(فإن
لم يكن مقرونا بدليل ولم يكن بديهيا جليا) بأن يكون نظريا أو بديهيا خفيا
(فللسائل أن يمنعه) أي لا يجوز للسائل إلا أن يمنعه منعا مجردا أو مع السند
وفيه رد لمن يجوز أن ينقضه أو يعارضه اهـ البهتى (ومعناه) أي معنى منعه
(طلب الدليل عليه) أي على ذلك التصديق قال في العضودية ولا يمنع النقل
والمدعى إلا مجازا اهـ هذا إذا استعملت لفظ المنع وما يشتق منه في طلب
الدليل عليهما قال فيما سيأتي وأما إذا استعملت لفظ آخر في طلب الدليل
عليهما فلا مجاز كأن تقول لا نسلم هذا النقل أو هذا المدعى أو هو مطلوب
البيان اهـ (وإن كان بديهيا جليا فلا يصح منعه ويسمى منعه مكابرة) وهي غير
مسموعة اتفاقا والمكابرة هي المنازعة في المسألة العلمية لا لإظهار الصواب
بل لإظهار الفضل واعلم ان البديهي الجلي هو البديهي الأولى والبديهي النظري
القياس والبديهي الذي اشترك منشأ بداهته بين عامة الناس وما عدا هذه
المذكورات من البديهيات بديهي خفي اهـ البهتى قال في المواقف البديهيات
سبعة الأوليات والقضايا قياساتها معها والمشاهدات والمجربات والحدسيات
والمتواترات والوهميات قال الشريف الاجلى من هذه السبعة هي الأوليات ثم
الفطرية القياس ثم المشاهدات ثم الوهميات اهـ
وإن
كان مقرونا بدليل فللسائل حينئذ ثلاث وظائف المنع والمعارضة والنقض فههنا
ثلاث مقالات المقالة الأولى في المنع اعلم ان للسائل منع مقدمة الدليل إذا
لم يستدل المعلل عليها ولم تكن بديهية جلية
--------------------
(وإن
كان مقرينا بدليل فللسائل حينئذ ثلاث وظائف) جمع وظيفة وأصلها ما يوظفه
الإنسان أي يقدره لآخر في زمان معين من طعام والمراد بها هنا أحوال المعلل
والسائل من الأسئلة والأجوبة (المنع والمعارضة والنقض) قال فيما سيأتي
وأسلمها المنع إذ لا يجب له سند ولا دليل اهـ (فههنا ثلاث مقالات المقالة
الأولى في المنع) قال في الشريفية المنع طلب الدليل على مقدمة معينة اهـ
كأن يقال المقدمة الصغرى من دليلك أو الكبرى منه ممنوعة أو غير مسلمة أو
مطلوبة البيان اهـ منهل الإفادة أو يقال لا نسلم صغرى دليلك أو كبرى دليلك
أي أنا اطلب منك الدليل الدال على صحتها اهـ شيخنا (اعلم ان للسائل منع
مقدمة الدليل إذا لم يستدل المعلل عليها) بأن لا يورد دليلا عليها اهـ
الآمدي (ولم تكن بديهية جلية) وإلا لكان منعها مكابرة وهي غير مسموعة
اتفاقا اهـ مثال ذلك أن يقول المعلل هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة
لأنه أمر ذو بال وكل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة فمنعه السائل فقال
المقدمة الصغرى من دليلك أو الكبرى منه ممنوعة أو غير مسلمة أو مطلوبة
البيان أو لا نسلم أن هذا التصنيف أمر ذو بال أو لا نسلم أن كل أمر ذي بال
ينبغي تصديره بالبسملة أي أنا اطلب من الدليل الدال على صحتها اهـ
ولا
يصح منع المدعى حينئذ لأن المنع طلب الدليل والمطلوب حاصل إلا أن يراد منع
شيء من مقدمات دليله وذا مجاز في النسبة ورأينا من بعض العظماء منع المدعى
المدلل بسند أولا ثم منع مقدمة معينة من مقدمات دليله
--------------------
(ولا
يصح منع المدعى حينئذ) أي حين كونه مقرونا بدليل اهـ الآمدي (لأن المنع
طلب الدليل والمطلوب حاصل إلا أن يراد) بمنع ذلك المدعى (منع شيء من مقدمات
دليله وذا) أي منع ذلك المدعى (مجاز في النسبة) ويسمى أيضا مجازا عقليا
ومجازا حكميا وإسنادا مجازيا (ورأينا من بعض العظماء منع المدعى المدلل
بسند أولا ثم منع مقدمة معينة من مقدمات دليله) ثانيا والمراد لبعض العظماء
صاحب المواقف حيث قال في مسلك بعض المتأخرين في إثبات الصانع : جميع
الممكنات من حيث الجميع ممكن فله علة وهي لا تكون نفس ذلك المجموع إذ العلة
متقدمة على المعلول ولا تكون أيضا جزئه إذ علة الكل علة لكل جزء واعترض
عليه بأنه ان أراد بالعلة في قولك فله علة العلة التامة فلم لا يجوز أن
يكون نفس المجموع وقولك إذ العلة متقدمة على المعلول ممنوع في العلة التامة
اهـ
فصل
المنع إما مجرد عن السند أو مقرون به والسند ما ذكره المانع لزعمه انه
يستلزم نقيض الممنوع ويكفى في الاستناد به جوازه عقلا فقد يذكر على سبيل
التجويز كأن يقال لا نسلم انه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون ناطقا وقد
يذكر على سبيل القطع كأن يقال كيف وهو ناطق أو يقال إنما يصح ما ذكرته لو
كان غير ناطق وليس كذلك ولما كفي في السند الجواز لا يتوقف صحة المنع على
إثبات السند الذي ذكر معه على سبيل القطع ويسمى المنع الذي سنده في الصورة
الثالثة حلا لأن فيه بيان مبنى المقدمة الممنوعة والحل هو بيان منشأ الغلط
واكثر وقوع الحل بعد النقض الإجمالي وستعرف النقض
الإجمالي
--------------------
(فصل
المنع إما مجرد عن السند أو مقرون به) وقد تقدم أن المنع المجرد صحيح لكن
المنع مع السند أقوى منه (والسند ما ذكره المانع لزعمه انه يستلزم نقيض
الممنوع) وقد تقدم تعريف السند بما يذكر لتقوية المنع اهـ (ويكفى في
الاستناد به) أي بالسند (جوازه عقلا فقد يذكر على سبيل التجويز كأن يقال لا
نسلم انه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون ناطقا) وهذا يسمى سندا جوازيا
(وقد يذكر على سبيل القطع كأن يقال كيف وهو ناطق) وهذا يسمى سندا قطعيا (أو
يقال إنما يصح ما ذكرته لو كان غير ناطق وليس كذلك) وهذا يسمى سندا حليا
(ولما كفي في السند الجواز لا يتوقف صحة المنع) أي المقرون بالسند (على
إثبات السند الذي ذكر معه على سبيل القطع) سواء كان في الصورة الحل أو لا
اهـ الآمدي (ويسمى المنع الذي سنده في الصورة الثالثة حلا لأن فيه بيان
مبنى المقدمة الممنوعة) وهو منشأ الغلط اهـ البهتى (والحل هو بيان منشأ
الغلط) فتسمية حلا تسمية الكل باسم الجزء اهـ البهتى (واكثر وقوع الحل بعد
النقض الإجمالي) كأن يقال لا نسلم أن يكون هذا الدليل جاريا في مدعى آخر
إنما يجرى ان لو كان كذا وليس كذلك أو لا نسلم أن يكون هذا الدليل متخلفا
عنه حكم المدعى إنما يتخلف ان لو كان كذا وليس كذلك (وستعرف النقض
الإجمالي) في المقالة الثانية إن شاء الله تعالى اهـ
فصل
الواجب على المعلل عند منع السائل مدعاه الغير المدلل أو مقدمة دليله
إثبات ما منعه وذلك الإثبات نوعان احدهما ذكر دليل ينتج الممنوع والآخر
إبطال السند المساوي للمنع لأن بإبطاله يبطل نقيض الممنوع فيثبت عينه
لاستحالة ارتفاع النقيضين وبيان هذا أن معنى مساوة السند للمنع واخصيته منه
مساوته لنقيض الممنوع واخصيته منه
--------------------
(فصل
الواجب على المعلل عند منع السائل مدعاه الغير المدلل أو مقدمة دليله) من
حيث هي هي بأن تكون غير مدللة إذ المقدمة المدللة تكون دعوى من حيث هي
مدللة (إثبات ما منعه وذلك الإثبات نوعان احدهما) إثبات بالذات أي بلا
واسطة إبطال السند وهو (ذكر دليل ينتج الممنوع والآخر) إثبات بالواسطة وهو
(إبطال السند المساوي للمنع) أي لنقيض الممنوع (لأن) أي لأنه أي الشأن
(بإبطاله يبطل نقيض الممنوع) وإذا بطل نقيضه (فيثبت عينه لاستحالة ارتفاع
النقيضين وبيان هذا) أي البطلان (أن معنى مساوة السند للمنع واخصيته منه
مساوته لنقيض الممنوع واخصيته منه) إذ المشهور ان النسب في السند تعتبر
بالقياس إلى نقيض الممنوع يعنى ان قولهم هذا السند مساو للمنع أو أخص منه
مجاز في النسبة والمراد مساو لنقيض الممنوع أو أخص منه اهـ البهتى مثال ذلك
أن يقول المعلل العالم له محدث لأنه حادث وكل حادث له محدث فالعالم له
محدث فيقول السائل مانعا لصغراه لا نسلم أن العالم حادث لم لا يجوز أن يكون
قديما فيجيب المعلل العالم حادث لأنه متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث
أو يقول المعلل سندك القائل لم لا يجوز أن يكون العالم قديما باطل بل
العالم حادث لأنه متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث فسندك القائل لم لا
يجوز أن يكون العالم قديما باطل لكن كان العالم متغيرا فسندك القائل لم لا
يجوز الخ باطل اهـ
والسند
بالاحتمال العقلي خمسة أقسام المساوي والأخص مطلقا والأعم مطلقا والأعم من
وجه والمباين ولنمثل للكل فإذا قلنا هذا الشيخ ليس بضاحك لأنه ليس بإنسان
فإن قال السائل لا نسلم انه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون ذلك ناطقا فهذا
سند مساو ولنقيض الممنوع وهو انه إنسان وإن قال لم لا يجوز أن يكون زنجيا
فهذا أخص مطلقا وإن قال لم لا يجوز أن يكون حيوانا فهذا أعم مطلقا وإن قال
لم لا يجوز أن يكون ابيض فهذا أعم من وجه وإن قال لم لا يجوز أن يكون حجرا
فهذا مباين
--------------------
(والسند
بالاحتمال العقلي) أي بدون ان يرجع إلى الاستقراء سواء كان له وجود في
المناظرات أو لا اهـ الآمدي (خمسة أقسام المساوي) لنقيض الممنوع وهذا السند
يكون مبايا لعين الممنوع (والأخص مطلقا) وهذا أيضا مباين لعين الممنوع
(والأعم مطلقا) وهذا قد يكون أعم من وجه من العين وقد يكون أعم مطلقا
(والأعم من وجه) وهذا أيضا قد يكون أعم من وجه من العين وقد يكون أعم مطلقا
(والمباين) وهذا قد يكون مساويا للعين وقد يكون أخص مطلقا منه قال في
التقرير وأما السند بالاستقراء فأربعة أقسام لأن السند المباين لم يوجد في
كلام المناظرين اهـ (ولنمثل) يجوز فيه سكون اللام وفتحه اهـ الآمدي (للكل)
أي لكل واحد من الأقسام الخمسة (فإذا قلنا هذا الشيخ) بفتح الفاء والعين
وقد يسكن العين وهو السواد المرئي من بعيد اهـ الآمدي (ليس بضاحك لأنه ليس
بإنسان) وكل ما ليس بإنسان ليس بضاحك فهذا الشيخ ليس بضاحك (فإن قال السائل
لا نسلم انه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون ذلك ناطقا فهذا سند مساو
ولنقيض الممنوع وهو انه إنسان وإن قال) لا نسلم انه ليس بإنسان (لم لا يجوز
أن يكون زنجيا فهذا أخص مطلقا) من نقيض الممنوع (وإن قال) لا نسلم انه ليس
بإنسان (لم لا يجوز أن يكون حيوانا فهذا أعم مطلقا وإن قال) لا نسلم انه
ليس بإنسان (لم لا يجوز أن يكون ابيض فهذا أعم من وجه وإن قال) لا نسلم انه
ليس بإنسان (لم لا يجوز أن يكون حجرا فهذا مباين) وهذه صور الجواز وقس
عليه صور القطع اهـ
والمباين
والأعم من وجه لا يجوز الاستناد بهما ولا ينفع المعلل إبطالهما لو استند
بهما السائل والمساوي والأخص مطلقا يجوز الاستناد بهما لكن لا ينفع المعلل
إبطال الأخص مطلقا بل إبطال المساوي وأما الأعم مطلقا فلا يجوز الاستناد به
لكن ينفع المعلل إبطاله لو استند به السائل
--------------------
(والمباين
والأعم من وجه لا يجوز الاستناد بهما) لأنهما لا يستلزمان نقيض الممنوع
اهـ الآمدي (ولا ينفع المعلل إبطالهما لو استند بهما السائل) بل يضر المعلل
إبطالهما (والمساوي والأخص مطلقا يجوز الاستناد بهما) لاستلزام كل منهما
نقيض الممنوع (لكن لا ينفع المعلل إبطال الأخص مطلقا) لأن انتفاء الأخص لا
يستلزم انتفاء الأعم اهـ الآمدي (بل) ينفع المعلل (إبطال المساوي) لأن أحد
المتساويين يستلزم الآخر وجودا وعدما اهـ الآمدي (وأما الأعم مطلقا فلا
يجوز الاستناد به) لعدم استلزامه النقيض اهـ البهتى (لكن ينفع المعلل
إبطاله لو استند به السائل) لأن انتفاء الأعم مطلقا يستلزم انتفاء الأخص
مطلقا اهـ الآمدي
واعلم
ان الممنوع لو كان مقدمة دليل المعلل فللمعلل وظيفة أخرى للتخلص عنه وهو
إثبات المدعى المدلل بدليل آخر وذا إفحام من وجه فاعرف
--------------------
(واعلم
ان الممنوع لو كان مقدمة دليل المعلل فللمعلل وظيفة أخرى) غير الإثباتين
المذكورين اهـ الآمدي (للتخلص عنه) أي عن ذلك المنع (وهو) أي تلك الوظيفة
والتذكير باعتبار الخبر اهـ البهتى (إثبات المدعى المدلل بدليل آخر) أي
مغاير للدليل الأول (وذا) أي إثبات ذلك المدعى بدليل آخر (إفحام) أي عجز من
المعلل اهـ الآمدي (من وجه) أي باعتبار انه ليس بإثبات الممنوع وإظهار
صواب من وجه أي باعتبار انه إثبات لما سبق له المنع اهـ الآمدي (فاعرف)
مثال ذلك أن يقول المعلل العالم له محدث لأنه حادث وكل حادث له محدث
فالعالم له محدث فيقول السائل مانعا لصغراه لا نسلم ان العالم حادث لم لا
يجوز أن يكون العالم قديما فيجيب المعلل العالم له محدث لأنه مخلوق وكل
مخلوق له محدث فالعالم له محدث مثال ثان أن يقول المعلل هذا التصنيف ينبغي
تصديره بالبسملة لأنه أمر ذو بال وكل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة
فيقول السائل مانعا لكبراه لا نسلم ان كل أمر ذي بال ينبغي تصديره بالبسملة
لم لا يجوز أن يكون مأمورا عن جانب الشرع فيجيب المعلل هذا التصنيف ينبغي
تصديره بالبسملة لأنه تصنيف في علم لا شك في استحباب تحصيله وكل تصنيف هذا
شأنه ينبغي تصديره بالبسملة اهـ
فصل
وعند إثبات المعلل مدعاه أو مقدمته بدليل أو بإبطال السند للسائل أن يمنع
شيئا من مقدمات الدليل أو الإبطال إذا لم تكن بديهية جلية فإذا منع يأتي
فيه التفصيل السابق
--------------------
(فصل
وعند إثبات المعلل مدعاه أو مقدمته بدليل أو بإبطال السند) أي المساوي
(للسائل أن يمنع شيئا من مقدمات الدليل أو) من مقدمات (الإبطال إذا لم تكن
بديهية جلية) مثال ذلك أن يقول المعلل العالم له محدث فمنعه السائل فقال لا
نسلم ان العالم له محدث لم لا يجوز أن يكون العالم مستغنيا عن نفسه فيجيب
المعلل العالم له محدث لأنه حادث وكل حادث له محدث فالعالم له محدث أو يقول
كلما كان العالم حادثا فسندك القائل لم لا يجوز أن يكون العالم مستغنيا عن
محدث باطل لكن كان العالم حادث فسندك القائل لم لا يجوز الخ باطل فيقول
السائل بمنع الصغرى لا نسم أن العالم حادث لم لا يجوز أن يكون العالم قديما
اهـ (فإذا منع) أي السائل (يأتي فيه التفصيل السابق) وهو إثبات ما منعه
بالذات أو بالواسطة والانتقال إلى دليل آخر فأما أن يعجز المعلل فيفحم أو
يعجز السائل فيلزم إذ لا يمكن جريان البحث إلى غير النهاية اهـ الآمدي
فصل
منع السائل مقدمة دليل المعلل قد لا يضر المعلل وذلك إذا ذكر المانع سندا
يشتمل الاعتراف بدعوى المعلل كما إذا قال المؤمن العالم حادث لأنه متغير
واثبت الصغرى بأنه لا يخلو عن الحركة والسكون فقال الفلسفي لا نسلم عدم
خلوه عنهما لم لا يجوز أن يخلو عنهما كما في آن حدوثه فهذا السند فيه
اعتراف بحدوث العالم
--------------------
(فصل)
في بيان المنع الذي ينفع المعلل (منع السائل مقدمة دليل المعلل قد لا يضر
المعلل) بل ينفعه (وذلك إذا ذكر المانع سندا يشتمل الاعتراف بدعوى المعلل)
المدللة بتلك المقدمة وأما اشتماله على الاعتراف بتلك المقدمة فلا يوجد إلا
عند كون السند مباينا وقد عرفت انه لم يوجد بالاستقراء اهـ البهتى (كما
إذا قال المؤمن العالم حادث) أي مسبوق بالعدم (لأنه متغير) وكل متغير حادث
(واثبت الصغرى بأنه) أي العالم (لا يخلو عن الحركة) أي الكون في آنين في
مكانين (والسكون) أي الكون في آنين في مكان واحد وكل ما لا يخلو عن الحركة
والسكون فهو متغير (فقال الفلسفي) مانعا للصغرى الثانية اهـ الآمدي (لا
نسلم عدم خلوه عنهما لم لا يجوز أن يخلو عنهما كما في آن حدوثه) فإن الحدوث
آن واحد لا يمكن فيه الحركة والسكون لأن كلا منهما يقتضي آنين اهـ البهتى
أي لأن كلا من الحركة والسكون لا يحصل إلا في آنين لأن الحركة كون الجسم في
آنين في مكانين والسكون كون الجسم في آنين في مكان واحد اهـ الآمدي (فهذا
السند فيه اعتراف بحدوث العالم) لاندراج حدوث العالم فيه وهي دعوى المعلل
اهـ فيردد المعلل فيقول إما ان تثبت المقدمة الممنوعة أو يثبت هذا السند
لمساواته لنقيض الممنوع و ايا ما كان يثبت المطلوب وهو العالم حادث اهـ
البهتى
فصل
لو أبطل السائل بالدليل المدعى الغير المعلل أو مقدمة دليل المعلل قبل أن
يستدل المعلل على تلك المقدمة فذا يسمى غصبا لأن الاستدلال منصب المعلل وقد
غصبه السائل واختلف في انه مسموع يجب على المعلل أن يجيب عنه والمحققون
قالوا انه غير مسموع ومن قال انه مسموع يقول ان للسائل أن يقول أردت المنع
مع السند بما ذكرته في الصورة الإبطال والاستدلال فيستحق الجواب حينئذ
البتة قال في التوضيح ينبغي لمن حكم بفاسد مقدمة معينة أن يورد اعتراضه
عليها على سبيل المنع لا على سبيل الإبطال لئلا يقول الخصم انه غصب فيحتاج
إلى العناية انتهى
--------------------
(فصل)
في بيان حكم المنع الذي في الصورة الإبطال (لو أبطل السائل بالدليل المدعى
الغير المعلل أو مقدمة دليل المعلل قبل أن يستدل المعلل على تلك المقدمة)
أي لو ادعى بطلان أحدهما من ذلك المدعى والمقدمة وأثبته بدليل اهـ الأمدي
(فذا) أي الإبطال والاستدلال (يسمى غصبا) كما إذا قال المعلل هذا الشبح
إنسان وقال السائل لا نسلم كونه إنسانا بل هو ليس بإنسان لأنه حجر ولا شيء
من الحجر بإنسان وكما إذا قال المعلل هذا الشبح ضاحك لأنه إنسان وقال
السائل ما قال اما إذا ادعى بطلان أحدهما بعد استدلال المعلل عليها لا يسمى
غصبا بل معارضة اهـ البهتي (لأن الاستدلال منصب المعلل وقد غصبه السائل)
وكل شيء هذا شأنه فهو غصب (واختلف في انه) أي الغصب (مسموع يجب على المعلل
أن يجيب عنه والمحققون قالوا انه غير مسموع ومن قال انه مسموع) وهو ركن
الدين العميدى ومن تبعه (يقول ان للسائل أن يقول) لم التزم البطلان بل
(أردت المنع مع السند بما ذكرته في الصورة الإبطال والاستدلال) لكن لزمه
البطلان ولو كان المنع باستلزام البطلان غصبا لكان المنع مع السند القطعي
غصبا (فيستحق) الغصب (الجواب حينئذ) أي حين كونه منعا (البتة قال في
التوضيح ينبغي لمن حكم بفاسد مقدمة معينة) أي غير مدللة وكذا من حكم بفساد
مدعى غير مدلل (أن) يخفى علمه بفسادها ويطلب عليها دليلا و (يورد اعتراضه
عليها على سبيل المنع لا على سبيل الإبطال لئلا يقول الخصم انه غصب فيحتاج
إلى العناية) أي الإرادة بأن يقول لم التزم البطلان بل أردت المنع مع السند
بما ذكرته في صورة الإبطال والاستدلال اهـ الآمدي (انتهى) كلامه وهذا
تعليم ينفع في المناظرات اهـ الآمدي
فصل
الغصب في عرفهم استدلال السائل على بطلان ما صح منعه فالمعارضة ليست بغصب
لأنه إبطال الدعوى بدليل بعد استدلال المعلل عليه وليس منع الدعوى بعد
الاستدلال عليه صحيحا وكذا النقض الإجمالي ليس بغصب لأنه إبطال الدليل
بدليل ولا يصح منع الدليل لأن المنع إنما يصح على ما يمكن الاستدلال عليه
والدليل لا يمكن الاستدلال عليه لأنه مركب من مقدمتين والدليل لا ينتج إلا
مقدمة واحدة وههنا بحث وستعرف المعارضة والنقض
--------------------
(فصل)
في ماهية الغصب في عرفهم (الغصب في عرفهم استدلال السائل على بطلان ما صح
منعه) وهو المدعى والمقدمة الغير المدللين اهـ البهتى (فالمعارضة) أي
التحقيقية بخلاف التقديرية اهـ الآمدي (ليست بغصب لأنه إبطال الدعوى بدليل
بعد استدلال المعلل عليه) وأمر التذكير في الموضعين سهل اهـ الآمدي (وليس
منع الدعوى بعد الاستدلال عليه صحيحا) وإبطال ما لا يصح منعه ليس بغصب اهـ
البهتى (وكذا) أي مثل المعارضة (النقض الإجمالي ليس بغصب لأنه إبطال الدليل
بدليل ولا يصح منع الدليل لأن المنع إنما يصح على ما يمكن الاستدلال عليه
والدليل لا يمكن الاستدلال عليه) وكل ما لا يمكن الاستدلال عليه لا يصح
منعه فلا يصح منع الدليل اهـ الآمدي (لأنه) أي الدليل (مركب من مقدمتين) أي
الصغرى والكبرى في الاقتراني والمقدمة الشرطية والواضعة أو الرافعة في
الاستثنائي اهـ الآمدي (والدليل لا ينتج إلا مقدمة واحدة وههنا بحث) وهو أن
يستفسر عن السائل حينئذ ان مرادك هل هو منع مقدمة من مقدماته أو منع كل
منهما أو منع مجموع الدليل من حيث المجموع فعلى الأول يستدل المعلل على
واحد من مقدماته فإن سكت السائل فذلك وان قال مرادي المقدمة الأخرى يستدل
عليها أيضا وعلى الثاني يستدل على كل واحد منها وعلى الثالث يستدل على كل
واحد منها ثم يستدل بثبوت كل واحد على ثبوت المجموع وتقريره ان هذا الدليل
ثبت مقدماته وكل دليل هذا شأنه فهو ثابت اهـ الآمدي (وستعرف المعارضة) في
المقالة الثانية (والنقض) في المقالة الثالثة
فصل
اعلم ان السائل قد يمنع تقريب دليل المعلل ومعنى التقريب سوق الدليل على
وجه يستلزم المدعى وتقرير منعه انا لا نسلم استلزام هذا الدليل المدعى وقد
يجمل ويقال لا نسلم التقريب أو التقريب ممنوع والتقريب إنما يتم إذا انتج
الدليل عين المدعى أو ما يساويه والأخص منه وأما إذا انتج الأعم فلا تقريب
كأن يكون المدعى موجبة كلية وينتج الدليل موجبة جزئية
--------------------
(فصل)
في بيان منع التقريب (اعلم ان السائل قد يمنع تقريب دليل المعلل) مجردا أو
مع السند (ومعنى التقريب سوق الدليل على وجه يستلزم المدعى وتقرير منعه
انا لا نسلم استلزام هذا الدليل المدعى) أو لزوم هذا المدعى لذلك الدليل
(وقد يجمل ويقال لا نسلم التقريب أو التقريب ممنوع) أو غير تام (والتقريب
إنما يتم) أي يوجد إذ وجوده وتمامه متلازمان اهـ الآمدي (إذا انتج الدليل
عين المدعى أو ما يساويه والأخص منه) كما إذا ادعينا هذا إنسان فإن قلنا
لأنه ناطق وكل ناطق إنسان ينتج عين المدعى وإن قلنا لأنه متعجب وكل متعجب
ضاحك ينتج ما يساويه وإن قلنا لأنه عبد اسود وكل عبد اسود زنجي ينتج الأخص
منه اهـ الآمدي (وأما إذا انتج الأعم) مطلقا أو من وجه من المدعى اهـ
البهتى (فلا تقريب) أي لا يوجد فيه التقريب أصلا اهـ الآمدي ومثال الأعم
مطلقا كما إذا ادعينا هذا إنسان وقلنا لأنه متنفس وكل متنفس حيوان فهذا
حيوان فهذا أعم مطلقا من المدعى ومثال الأعم من وجه كما إذا ادعينا بعض
الحيوان كاتب وقلنا لأنه متعجب وكل متعجب ضاحك فبعض الحيوان ضاحك قال
الآمدي وأما إذا انتج الدليل المباين فلا تقريب بالطريق الأولى مثاله هذا
حيوان لأنه جماد وكل جماد لا حيوان فهذا لا حيوان وهو مباين للمدعى اهـ
(كأن يكون المدعى موجبة كلية وينتج الدليل موجبة جزئية) كما إذا ادعينا كل
حيوان إنسان وقلنا لأنه ناطق وكل إنسان ناطق وهذا شكل ثالث ينتج بعض
الحيوان إنسان وهذا أعم مطلقا من المدعى بحسب الكم والكيف اهـ
فصل
قيل لا يمنع النقل والمدعى إلا مجازا ومعناه لا يستعمل لفظ المنع وما يشتق
منه في طلب الدليل عليها إلا مجازا وبيان ذلك ان المنع في عرفهم طلب
الدليل على مقدمة الدليل ولما لم يكن النقل والمدعى مقدمة من دليل فقولك
هذا النقل ممنوع وهذا المدعى ممنوع مجاز عن طلب الدليل مطلقا وأما إذا
استعملت لفظا آخر في طلب الدليل عليهما فلا مجاز كأن تقول لا نسلم هذا
النقل أو هذا المدعى أو هو مطلوب البيان هذا في المدعى الغير المدلل وأما
إذا كان مدللا فطلب الدليل عليه بأي لفظ كان مجاز في النسبة والمراد طلب
الدليل على شيء من مقدمات دليله ويكفيك هذا البيان هنا علمك الله ما لم
تعلم
--------------------
(فصل)
في بيان المنع الحقيقي والمجازي (قيل) القائل القاضي عضد الدين (لا يمنع
النقل والمدعى إلا مجازا ومعناه لا يستعمل لفظ المنع وما يشتق منه) كممنوع
أو منع (في طلب الدليل عليها إلا مجازا) فكان التقدير لا يمنع النقل
والمدعى بلفظ المنع وبما يشتق منه إلا مجازا اهـ البهتى (وبيان ذلك ان
المنع في عرفهم طلب الدليل على مقدمة الدليل) أي غير مدللة (ولما لم يكن
النقل والمدعى مقدمة من دليل فقولك هذا النقل ممنوع وهذا المدعى ممنوع مجاز
عن طلب الدليل مطلقا) أي من غير تقييده بكونه على المقدمة اهـ الآمدي
(وأما إذا استعملت لفظا آخر في طلب الدليل عليهما) أي على النقل والمدعى
(فلا مجاز) بل هو حقيقة (كأن تقول لا نسلم هذا النقل أو هذا المدعى أو هو)
أي النقل والمدعى (مطلوب البيان هذا) أي التفصيل (في المدعى الغير المدلل
وأما إذا كان مدللا) كأن تقول هذا الشبح إنسان لأنه ناطق وكل ناطق إنسان
(فطلب الدليل عليه) أي على المدعى (بأي لفظ كان مجاز في النسبة) يعنى
إسناده (والمراد طلب الدليل على شيء من مقدمات دليله) هذا إذا لم يرد من
المدعى المقدمة ولم يقمه مقام المضاف وأما إذا أريد منه المقدمة بعلاقة
اللزوم فلفظ المدعى مجاز لغوي وإن أقامه مقام المضاف فهو مجاز حذفي
والألفاظ المستعملة والنسبة حقيقة اهـ الآمدي (ويكفيك هذا البيان هنا علمك
الله ما لم تعلم) من العلوم اهـ
فصل
لما كان الواجب على المعلل عند منع المانع هو الإثبات كما عرفت تفصيله فلا
ينفعه منع المنع ومعناه منع صحته تقريره لا نسلم صحة ورود هذا المنع لم لا
يجوز أن يكون الممنوع بديهيا جليا وكذا لا ينفعه منع السند الذي ذكر على
سبيل القطع قال الشارح الحنفي منع المنع ومنع ما يؤيده لا يوجب إثبات
المقدمة الذي يجب على المعلل عند منع المانع وكذا لا ينفعه منع صلاحية
السند للسندية مستندا بعمومه وكذا لا ينفعه إبطال صلاحيته للسندية مستدلا
بعمومه وكذا إبطال عبارة المانع بمخالفتها القانون العربي فاشتغال المعلل
بهذه الاعتراضات انتقال منه إلى بحث آخر يجب على السائل دفعه فإن كان
اشتغاله بها بدون إثبات ما منعه السائل فقد عجز عن إثبات مدعاه فأفحم فيه
وانتقل إلى بحث آخر نعم ينفع المعلل إبطال المنع مستدلا ببداهة الممنوع
بداهة جلية وهذا بمنزلة إثبات الممنوع وكذا ينفعه إبطال المنع بدعوى ان
الممنوع مسلم عند المانع لكن هذا جواب الزامى جدلي لا تحقيقي وللمانع أن
يدعي حينئذ الرجوع عن تسليم ما سلمه ما لم يكن بديهيا جليا
--------------------
(فصل)
في بيان انتقال المعلل إلى بحث آخر وهو دفع السائل شيئا من الكلام المعترض
مع بقاء اعتراضه اهـ البهتى (لما كان الواجب على المعلل عند منع المانع)
شيئا من كلامه (هو الإثبات) إما بإقامة الدليل أو بإبطال السند المساوي أو
بالانتقال إلى دليل أخر (كما عرفت تفصيله فلا ينفعه منع المنع) لأنه لا
يوجب الإثبات (ومعناه منع صحته) فكأنه ادعى ضمنا أن منعي صحيح وروده
والدعوى الضمنية تقبل المنع لكنه ليس بنافع لعدم إثباته الممنوع وبالجملة
ان منع صحته المنع صحيح لكن لا ينفع المعلل اهـ الآمدي وأما منع ذات المنع
فهو مكابرة إذ المنع طلب الدليل ولا معنى لطلب الدليل على طلب الدليل اهـ
البهتى (تقريره لا نسلم صحة ورود هذا المنع لم لا يجوز أن يكون الممنوع
بديهيا جليا) أو مسلما عند (وكذا لا ينفعه منع السند الذي ذكر على سبيل
القطع) وبالجملة إن منع السند الذي ذكر على سبيل القطع صحيح لكن لا ينفع
المعلل وأما منع السند الذي ذكر على سبيل الجواز فلا يصح منعه إذ الجواز لا
يدفع الجواز لأنه شك والشك لا يقال الشك فلا يدفعه اهـ الآمدي (قال الشارح
الحنفي منع المنع ومنع ما يؤيده) أي من السند اهـ البهتى سواء كان على
سبيل القطع أو على سبيل الجواز اهـ الآمدي (لا يوجب إثبات المقدمة)
الممنوعة (الذي يجب على المعلل عند منع المانع) وكل ما لا يوجب إثبات
المقدمة لا ينفع المعلل فمنع المنع ومنع ما يؤيده لا ينفع المعلل (وكذا لا
ينفعه منع صلاحية السند للسندية مستندا بعمومه) يريد ان منعها صحيح لأن
المانع لما ذكر السند فكأنه ادعى صلاحية سنده للسندية والدعوى الضمنية يصح
منعها لكن هذا المنع لا ينفع المعلل اهـ الآمدي وتقريره لا نسلم أن يكون
هذا السند صالحا للسندية إنما يصح لو كان مساويا لنقيض الممنوع أو أخص
مطلقا وليس كذلك (وكذا لا ينفعه إبطال صلاحيته للسندية مستدلا بعمومه) أي
مطلقا أومن وجه كأن قال السائل لا نسلم أنه ليس بإنسان لم لا يجوز أن يكون
حيوانا فقال المعلل صلاحية الحيوان للسندية باطل لأنه أعم من نقيض الممنوع
اهـ الآمدي (وكذا إبطال عبارة المانع بمخالفتها القانون العربي) كأن قال
السائل لا نسلم انه ليس بإنسان فقال المعلل عبارة منعك باطلة لأنها مخالفة
لقانون العربية (فاشتغال المعلل بهذه الاعتراضات انتقال منه إلى بحث آخر
يجب على السائل دفعه فإن كان اشتغاله بها بدون إثبات ما منعه السائل فقد
عجز عن إثبات مدعاه فأفحم فيه) أي صار مفحما في ذلك البحث اهـ البهتى
(وانتقل إلى بحث آخر نعم ينفع المعلل إبطال المنع مستدلا ببداهة الممنوع
بداهة جلية) وتقريره أن يقول المعلل منعك هذا باطل لأنه وارد على البديهي
الجلي وكل منع هذا شأنه باطل (وهذا بمنزلة إثبات الممنوع) فكأنه قال ان
الممنوع بديهي جلي وكل بديهي جلي ثابت فالممنوع ثابت (وكذا ينفعه إبطال
المنع) مستدلا عليه (بدعوى ان الممنوع مسلم عند المانع) وتقريره أن يقول
المعلل منعك هذا باطل لأنه وارد على ما هو مسلم عندك وكل منع هذا شأنه باطل
(لكن هذا) أي الإبطال (جواب إلزامي جدلي لا تحقيقي) وذلك لأن الجواب على
قسمين إلزامي يراد منه إلزام الخصم وإسكاته ولا يراد منه إظهار الصواب
وتحقيقي يراد منه إظهار الصواب وتحقيق الحق اهـ الآمدي (وللمانع أن يدعي
حينئذ الرجوع عن تسليم ما سلمه ما لم يكن بديهيا جليا) لأنه إذا كان بديهيا
فلا اعتبار لرجوعه
[المقالة
الثانية] في المعارضة وهي إثبات السائل نقيض ما ادعاه المعلل أو ما يساوي
نقيضه أو الأخص منه من نقيضه كأن ادعى المعلل لا إنسانية شيء واستدل عليها
فعارضه السائل بإثبات إنسانيته أو بإثبات ضاحكيته أو بإثبات انه زنجي
فللسائل عند إرادة المعارضة أن يقول للمعلل دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن
عندي ما ينفى ما ادعيت
--------------------
(المقالة
الثانية) من المقالات الثلاث (في المعارضة وهي إثبات السائل نقيض ما ادعاه
المعلل أو ما يساوي نقيضه أو الأخص منه من نقيضه) فالمعارضة هي إقامة
الدليل على خلاف ما أقام عليه الخصم الدليل اهـ الشريفية والمراد بالخلاف
أعم من أن يكون نقيض مدعى الخصم أو مساوي نقيضه أو أخص مطلقا من نقيضه اهـ
منهل الإفادة (كأن ادعى المعلل لا إنسانية شيء واستدل عليها) بأن قال هذا
الشيء لا إنسان لأنه حجر وكل حجر لا إنسان فهذا الشيء لا إنسان اهـ الآمدي
(فعارضه السائل بإثبات إنسانيته) وهو النقيض بأن يقول انه ناطق وكل ناطق
إنسان فذلك الشيء إنسان اهـ الآمدي (أو بإثبات ضاحكيته) وهو المساوي بأن
قال انه متعجب وكل متعجب ضاحك فذلك الشيء ضاحك اهـ الآمدي (أو بإثبات انه
زنجي) وهو الأخص بأن قال انه إنسان من بلاد الحبشة وكل إنسان من بلاد
الحبشة زنجي فذلك الشيء زنجي اهـ الآمدي (فللسائل عند إرادة المعارضة أن
يقول للمعلل دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفى ما ادعيت) أي دليل
ينتج خلاف مدعاك من النقيض أو المساوي أو الأخص مطلقا كما مر تصويره اهـ
الآمدي
ودفع
المعلل المعارضة إما بمنع بعض مقدمات دليل المعارض أو بإثبات فساد دليله
وهو النقض الإجمالي وسيأتي تفصيل النقض الإجمالي أو بإثبات الدعوى بدليل
آخر وهو المعارضة على معارضة السائل وفي كون هذه المعارضة دافعة لمعارضة
السائل بحث
--------------------
(ودفع
المعلل المعارضة إما بمنع بعض مقدمات دليل المعارض) وهو المناقضة (أو
بإثبات فساد دليله) بتخلف الحكم أو باستلزامه الفساد اهـ البهتى (وهو النقض
الإجمالي وسيأتي تفصيل النقض الإجمالي) أي في المقالة الثالثة (أو بإثبات
الدعوى بدليل آخر وهو المعارضة على معارضة السائل) مثال ذلك أن يقول المعلل
هذا الماء ما لا يصح به الوضوء لأنه ماء متنجس وكل ماء متنجس لا يصح به
الوضوء فهذا الماء ما لا يصح به الوضوء فعارضه السائل فقال دليلك هذا وإن
دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفي ما ادعيت وهو ان هذا الماء ماء يصح به
الوضوء لأنه ماء طاهر وكل ماء طاهر يصح به الوضوء فهذا الماء ماء يصح به
الوضوء فمنعه المعلل فقال لا نسلم أن كل ماء طاهر يصح به الوضوء لم لا يجوز
انه لا يصح به كالمستعمل أو نقضه السائل فقال دليلك هذا باطل لأنه جار في
مدعى آخر متخالفا عنه حكم المدعى وكل دليل هذا شأنه باطل ووجه الجريان ان
الماء المستعمل ماء طاهر مع انه لا يصح به الوضوء أو عارضه السائل فقال
دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفى ما ادعيت وهو أن هذا الماء ماء
لا يصح به الوضوء لأنه ماء مستعمل وكل ماء مستعمل لا يصح به الوضوء فهذا
الماء ماء لا يصح به الوضوء (وفي كون هذه المعارضة دافعة لمعارضة السائل
بحث) وتقريره أن الدليل الثاني للمعلل هنا يعارضه دليل السائل المعارض كما
يعارض دليله الأول وذلك ظاهر فلا فائدة في إثبات الدعوى بدليل آخر عند
معارضة السائل والجواب عنه أن يقال لا نسلم انه لا فائدة فيه إذ يجوز أن
يكون الدليل الثاني للمعلل أقوى من دليل المعارض بوجه من الوجوه ولو سلم
انه ليس بأقوى منه فيجوز أن يكون مجموع الدليلين أقوى من دليل واحد اهـ
الآمدي
ثم
ان المعارضة تنقسم إلى المعارضة في المدعى وهو أن يثبت السائل خلاف مدعى
المعلل بعد إثبات المعلل مدعاه وإلى المعارضة في المقدمة وهي أن يثبت
السائل خلاف مقدمة دليل المعلل بعد إثبات المعلل تلك المقدمة وكل منهما
تنقسم إلى ثلاثة أقسام لأن دليل المعارض إن كان عين دليل المعلل مادة وصورة
كما في المغالطات العامة الورود تسمى تلك المعارضة قلبا ومعارضة على سبيل
القلب قال أبو الفتح المغالطات العامة الورود هي الأدلة التي يمكن أن يستدل
بها على جميع الأشياء حتى على النقيضين مثل أن يقال الشيء الذي يكون وجوده
وعدمه مستلزما للمطلوب إما موجود أو معدوم وايا ما كان يلزم ثبوت المطلوب
أقول فإذا استدل به الفلسفي على قدم العالم فتعارضه بالاستدلال به على
حدوثه
--------------------
(ثم
ان المعارضة تنقسم إلى المعارضة في المدعى) أي المعارضة المتعلقة بالمدعى
(وهو أن يثبت السائل خلاف مدعى المعلل بعد إثبات المعلل مدعاه) إذ قيل
الإثبات يكون غصبا اهـ الآمدي مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الشيء لا إنسان
لأنه لا حجر وكل لا حجر لا إنسان فهذا الشيء لا إنسان فعارضة السائل فقال
دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفى ما ادعيت وهو أن هذا الشيء
إنسان لأنه ناطق وكل ناطق إنسان فهذا الشيء إنسان (وإلى المعارضة في
المقدمة وهي أن يثبت السائل خلاف مقدمة دليل المعلل بعد إثبات المعلل تلك
المقدمة) مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الشبح ليس بكاتب لأنه ليس بإنسان وكل
كاتب إنسان فهذا الشبح ليس بكاتب ودليل الصغرى لأنه حجر ولا شيء من الحجر
بإنسان فعارضه السائل فقال دليلك وإن دل على ما ادعيت لكن عندي ما ينفي ما
ادعيت وهو ان هذا الشبح إنسان لأنه متعجب وكل متعجب إنسان فهذا الشبح إنسان
أفاده الآمدي (وكل منهما تنقسم إلى ثلاثة أقسام) وهي المعارضة بالقلب
والمعارضة بالمثل والمعارضة بالغير اهـ الآمدي (لأن دليل المعارض إن كان
عين دليل المعلل مادة وصورة) والمراد بالعينية في المادة اتحاد الدليلين في
الحد الوسط إن كانا اقترانيين وفي المقدمة الاستثنائية إن كانا استثنائيين
والمراد بالعينية في الصورة اتحاد الدليلين شكلا وضربا إن كانا اقترانيين
واتحادهما وضعا ورفعا إن كانا استثنائيين اهـ الشيخ يس (كما في المغالطات
العامة الورود) والمغالطة قياس فاسد صورة أو مادة ومعنى كونها عامة الورود
أفادتها للحكمين المتنافيين اهـ الرشيدية (تسمى تلك المعارضة قلبا ومعارضة
على سبيل القلب) لقلب المعارض ذلك الدليل على المعلل اهـ الآمدي (قال أبو
الفتح المغالطات العامة الورود هي الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على جميع
الأشياء حتى على النقيضين مثل أن يقال الشيء الذي يكون وجوده وعدمه مستلزما
للمطلوب إما موجود أو معدوم وايا ما كان يلزم ثبوت المطلوب) هذا قياس
استثنائي تقريره إذا كان الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه المطلوب موجودا أو
معدوما يلزم ثبوت المطلوب لكن المقدم حق والتالي مثله أفاده البهتى (أقول
فإذا استدل به الفلسفي على قدم العالم) بأن قال إذا كان الشيء الذي يستلزم
وجوده وعدمه قدم العالم موجودا أو معدوما كان العالم قديما لكن المقدم حق
والتالي مثله اهـ البهتى (فتعارضه بالاستدلال به على حدوثه) بأن تقول
العالم حادث لأنه إذا كان الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه حدوث العالم
موجودا أو معدوما كان العالم حادث لكن المقدم حق والتالي مثله اهـ البهتى
وإن
كان غيره مادة وعينه صورة تسمى معارضة بالمثل كأن يقول الفلسفي العالم
قديم لأنه اثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم فتعارضه بأنه حادث لأنه
متغير وكل متغير حادث وإن كان غيره صورة تسمى معارضة بالغير سواء كان غيره
مادة أيضا كما إذا عارضنا في الصورة المذكور بأن العالم حادث لأنه اثر
المختار ولا شيء من القديم بأثر المختار أو كان عينه مادة وهذا صرح به
العصام في الآداب العضدي ومثاله أن يستدل المعلل على مدعاه بمغالطة عامة
الورود فيعارضه السائل بإيراد تلك المعارضة على نقيض مدعى المعلل بصورة
أخرى غير ما اختاره المعلل
--------------------
(وإن
كان) دليل المعارض (غيره) أي غير دليل المعلل (مادة وعينه صورة تسمى
معارضة بالمثل) لتماثل الدليلين في الصورة (كأن يقول الفلسفي العالم قديم
لأنه اثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم) ينتج العالم قديم (فتعارضه
بأنه حادث لأنه متغير وكل متغير حادث) فالعالم حادث فإن دليلك هذا غير دليل
المعلل مادة لتغاير أوساطهما وعينه صورة لكونهما من أول الشكل الأول اهـ
الآمدي (وإن كان) دليل المعارض (غيره) أي غير دليل المعلل (صورة تسمى
معارضة بالغير) لتغاير صورتهما (سواء كان) دليل المعارض (غيره) أي غير دليل
المعلل (مادة أيضا) أي كما كان غيره صورة (كما إذا عارضنا) ذلك الفلسفي
(في الصورة المذكور بأن العالم حادث لأنه اثر المختار ولا شيء من القديم
بأثر المختار) فالعالم ليس بقديم بل حادث فالدليلان متغايران مادة وهو ظاهر
وصورة لأن دليل المعلل من أول الشكل الأول ودليل السائل من أول الشكل
الثاني اهـ الشيخ يس (أو كان عينه مادة وهذا) أي التعميم (صرح به العصام في
الآداب العضدي) حيث قال فيه وقد لا يكون صورته كصورته وتسمى معارضة بالغير
وان اتحدت المادة فيها اهـ (ومثاله) أي ومثال هذا القسم (أن يستدل المعلل
على مدعاه بمغالطة عامة الورود) كأن يقول الفلسفي إذا كان الشيء الذي
يستلزم وجوده وعدمه قدم العالم موجودا أو معدوما فالعالم قديم لكن المقدم
حق فكذا تاليه اهـ البهتى (فيعارضه السائل بإيراد تلك المعارضة على نقيض
مدعى المعلل) وهو ان العالم ليس بقديم (بصورة أخرى غير ما اختاره المعلل)
كأن يقول لو كان العالم قديما لم يكن الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه حدوث
العالم موجودا أو معدوما لكن التالي باطل فإن هذين الدليلين متحدان مادة
مختلفان صورة لتغايرهما وضعا ورفعا
[المقالة
الثالثة] في النقض وقد يقيد بالإجمالي ومعناه أن يدعى السائل بطلان دليل
المعلل مستدلا بأنه جار في مدعى آخر مع تخلف ذلك المدعى عنه وكل دليل هذا
شأنه فهو باطل لأن الدليل الصحيح لا يتخلف عنه المدعى لأن المدعى لازم له
وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم كأن قلنا للفلسفي المستدل على قدم
العالم بأنه أثر القديم انه جار في الحوادث اليومية مع انها حادثة
بالبداهة
--------------------
(المقالة
الثالثة) من المقالات الثلاث (في النقض وقد يقيد بالإجمالي) وأما إذا قيد
بالتفصيلي فيكون بمعنى المناقضة اهـ البهتى (ومعناه) أي معنى النقض مطلقا
أو مقيدا بالإجمالي اهـ الآمدي (أن يدعى السائل بطلان دليل المعلل مستدلا
بأنه جار في مدعى آخر مع تخلف ذلك المدعى عنه) أي ذلك الدليل (وكل دليل هذا
شأنه فهو باطل) أي ليس بصحيح (لأن الدليل الصحيح لا يتخلف عنه المدعى لأن
المدعى لازم له) أي للدليل (وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم) فبطلان
المدعى يدل على بطلان الدليل (كأن قلنا للفلسفي المستدل على قدم العالم
بأنه أثر القديم) وكل ما هو اثر القديم قديم (انه) أي دليلك هذا (جار في
الحوادث اليومية) أي الواقعة في الأيام اهـ البهتى بأن يقال الحادث اليومي
اثر القديم وكل ما هو اثر القديم قديم فالحادث اليومي قديم اهـ الآمدي (مع
انها حادثة بالبداهة) فتخلف عنه المدعى اهـ الآمدي
ولا يجاب عن هذا النقض بمنع الكبرى بل بمنع الصغرى ولما كانت الصغرى مشتملة على مقدمتين بمنع الجريان تارة والتخلف أخرى
--------------------
(ولا
يجاب عن هذا النقض بمنع الكبرى) وهي كل دليل جار في مدعى آخر متخلفا عنه
حكم المدعى فهو باطل (بل بمنع الصغرى ولما كانت الصغرى مشتملة على مقدمتين)
أي وهما الجريان والتخلف اهـ الآمدي (بمنع الجريان تارة) وتقريره لا نسلم
أن يكون هذا الدليل جاريا في مدعى آخر (والتخلف أخرى) وتقريره لا نسلم أن
يكون هذا الدليل متخلفا عنه حكم المدعى مثال ذلك أن يقول المعلل الكوحول
نجس لأنه مسكر وكل مسكر نجس ينتج الكوحول نجس فنقضه السائل فقال دليلك هذا
باطل لأنه جار في مدعى آخر متخلفا عنه حكم المدعى وكل دليل هذا شأنه فهو
باطل ووجه الجريان ان الحشيش مسكر مع انه ليس بنجس فيجيب المعلل مانعا
للجريان لا نسلم أن يكون هذا الدليل جريا جاريا في الحشيش كيف والمراد
بالمسكر المسكر المائع أو مانعا للتخلف لا نسلم أن يكون هذا الدليل متخلفا
عنه حكم المدعى في الحشيش لأني لم أرد بالنجس معناه المشهور ولكنني أردت به
الحرمة كائنا ما كان اهـ شيخنا
وقد يستدل الناقض على بطلان دليل المعلل بأنه مستلزم للدور أو التسلسل وهو محال وكل ما يستلزم المحال فهو محال
--------------------
(وقد
يستدل الناقض على بطلان دليل المعلل بأنه مستلزم للدور أو التسلسل) أي
مثلا وكذا سائر المحالات كاجتماع النقيضين وارتفاعهما اهـ البهتى (وهو محال
وكل ما يستلزم المحال فهو محال) مثال ذلك أن يقول المعلل هذا التصنيف
ينبغي تصديره بالبسملة لأنه أمر ذو بال وكل أمر ذي بال ينبغي تصديره
بالبسملة ينتج هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة فنقضه السائل فقال دليلك
هذا باطل لأنه مستلزم للتسلسل وهو محال وكل ما يستلزم المحال فهو محال ووجه
الاستلزام أن البسملة نفسها أمر ذو بال فينبغي تصديرها ببسملة أخرى وتلك
الأخرى أمر ذو بال فينبغي تصديرها ببسملة أخرى وهكذا إلى ما لا نهاية له
فيتسلسل اهـ شيخنا
ولا مجال لمنع الكبرى هنا أيضا بل قد يمنع الاستلزام وقد يمنع الاستحالة لأن بعض الدور والتسلسل غير محال
--------------------
(ولا
مجال لمنع الكبرى هنا أيضا) أي كما لا مجال لمنع الكبرى في الشاهد الأول
اهـ الآمدي (بل قد يمنع الاستلزام) وتقريره لا نسلم أن يكون هذا الدليل
مستلزما للدور أو التسلسل (وقد يمنع الاستحالة) وتقريره لا نسلم أن هذا
الدور أو التسلسل محال (لأن بعض الدور والتسلسل غير محال) مثال ذلك أن يقول
المعلل عند النقض المذكور مانعا للاستلزام لا نسلم أن يكون هذا الدليل
مستلزما للتسلسل لم لا يجوز أن يكون البسملة كما انها تبسمل لغيرها تبسمل
لنفسها كالشاة الواحدة في الأربعين كما انها تزكي لغيرها تزكي لنفسها أو
مانعا للاستحالة لا نسلم أن يكون هذا التسلسل محالا إنما يتم ما ذكرتم ان
لو كان حقيقيا وليس كذلك اهـ شيخنا
وقد يجاب عن النقض مطلقا بإثبات المدعى المنقوض دليله بدليل آخر وهذا إفحام من وجه
--------------------
(وقد
يجاب عن النقض مطلقا) أي سواء كان بالتخلف أو باستلزام الفساد اهـ البهتى
(بإثبات المدعى المنقوض دليله بدليل آخر) أي بدليل يغاير الأول اهـ الآمدي
(وهذا إفحام من وجه) لعدم تصحيحه للدليل المنقوض مثال ذلك أن يقول المعلل
عند النقض المذكور هذا التصنيف ينبغي تصديره بالبسملة لأنه في علم لاشك في
استحباب تحصيله وكل تصنيف هذا شأنه ينبغي تصديره بالبسملة ينتج هذا التصنيف
ينبغي تصديره بالبسملة اهـ شيخنا
واعلم
ان المعارض والناقض إذا لم يذكرا دليلا فلا يسمع دعواهما البطلان ويسمى
دليل النقض شاهدا ان قلت أليس للسائل منع مجموع الدليل بمعنى طلب الدليل
عليه قلت لا يجوز لأنه تكليف بما لا يطاق لأن الدليل لا ينتج إلا مقدمة
واحدة وهنا بحث
--------------------
(واعلم
ان المعارض والناقض إذا لم يذكرا دليلا فلا يسمع دعواهما البطلان) لكونهما
مكابرة فلابد من دليل اهـ البهتى (ويسمى دليل النقض) سواء كان دليل التخلف
أو دليل خصوص الفساد اهـ الآمدي (شاهدا) لشهادته على بطلان الدليل دون
دليل المعارضة ولا مساحة في الاصطلاح اهـ الآمدي (ان قلت أليس) يجوز
(للسائل منع مجموع الدليل بمعنى طلب الدليل عليه) أي على مجموع الدليل (قلت
لا يجوز لأنه تكليف بما لا يطاق) وكل تكليف بما لا يطاق غير جائز اهـ
الآمدي (لأن الدليل لا ينتج إلا مقدمة واحدة) فطلب الدليل على مجموع الدليل
تكليف بما لا يطاق اهـ البهتى (وهنا بحث) قاله أبو الفتح وهو أن يستفسر عن
السائل حينئذ ان مرادك هل هو منع مقدمة من مقدماته أو منع كل منها أو منع
مجموع الدليل من حيث المجموع فعلى الأول يستدل المعلل على واحد من مقدماته
فإن سكت السائل فذاك وإن قال مرادي المقدمة الأخرى يستدل عليها أيضا وعلى
الثاني يستدل على كل واحد منها وعلى الثالث يستدل على كل واحد منها ثم
يستدل بثبوت كل واحد على ثبوت المجموع وتقريره ان هذا الدليل ثبت مقدماته
وكل دليل هذا شأنه فهو ثابت اهـ الآمدي
فصل
اعلم ان الناقض قد يترك بعض أوصاف دليل المعلل عند أجرائه فيسمى ذلك نقضا
مكسورا فللمعلل حينئذ منع الجريان مستندا بان للوصف المتروك مدخلا في
العلية وقد يبطل السائل هذا السند بإثبات ان لا مدخل له في العلية مثاله
قال الشافعي رحمه الله لا يصح بيع الغائب لأنه مبيع مجهول الصفة فنقضناه
بأنه جار في التزوج امرأة غائبة لأنه مجهولة الصفة مع أنه صحيح فقد حذفنا
قيد المبيعة
--------------------
(فصل)
في بيان النقض المكسور (اعلم ان الناقض) أي بالتخلف اهـ الآمدي (قد يترك
بعض أوصاف دليل المعلل عند أجرائه) أي عند أجراء الناقض دليل المعلل في
مدعى آخر (فيسمى ذلك نقضا مكسورا) مثال ذلك أن يقول المعلل الكوحول نجس
لأنه مائع مسكر وكل مائع مسكر نجس ينتج الكحول نجس فيقول السائل دليلك هذا
باطل لأنه جار في مدعى آخر متخلفا عنه حكم المدعى وكل دليل هذا شأنه فهو
باطل ووجه الجريان أن الحشيش مسكر مع انه ليس بنجس فقد ترك السائل قيد
المائع (فللمعلل حينئذ منع الجريان) أي جريان دليله في مدعى آخر (مستندا
بان للوصف المتروك مدخلا في العلية) وتقريره أن يقول لا نسلم أن يكون هذا
الدليل جاريا في مدعى آخر كيف والموصوف المتروك له مدخل في العلية (وقد
يبطل السائل هذا السند بإثبات ان لا مدخل له في العلية) وتقريره أن يقول
الوصف المتروك لا مدخل له في العلية لأنه ليس له تأثير في العلية وكل شيء
هذا شأنه ليس له مدخل في العلية ينتج الوصف المتروك لا مدخل له في العلية
(مثاله) أي مثل النقض المكسور مع مورده (قال الشافعي رحمه الله لا يصح بيع
الغائب لأنه مبيع مجهول الصفة) وكل مبيع هذا شأنه لا يصح بيعه (فنقضناه
بأنه جار في التزوج امرأة غائبة لأنه مجهولة الصفة مع أنه صحيح فقد حذفنا
قيد المبيعة) فللشافعي منع الجريان مستندا بان لقيد المبيعة مدخلا في
العلية اهـ البهتى
فصل
لا ينقض الدليل وغيره بالاشتمال على التطويل أو الاستدراك أو الخفاء إلى
غير ذلك مما يزيل حسنه فلا يصح لأحد المناظرين أن يقول للمناظر آخر إن ما
ذكرته باطل لأن المعنى الذي أديته بما ذكرته من العبارة يصح أداؤه بأحسن
منها وإنما لا يصح ذلك لأن وجود الطريق الراجح لا يوجب بطلان المرجوح وإنما
يصح الاعتراض به على حسن العبارة ويسمى هذا الاعتراض تعيين الطريق وهو ليس
من دأب المناظرين وههنا استثناء وهو أن يكون التعريف أخفى من المعرف يبطله
كما عرفت
--------------------
(فصل)
في بيان النقض الغير المسموع (لا ينقض الدليل وغيره بالاشتمال على
التطويل) وهو أن يكون اللفظ زائد على اصل المراد ولا يكون الزائد متعينا
اهـ الآمدي (أو الاستدراك) أي الحشو وهو أن يكون اللفظ زائدا على أصل
المراد ويكون الزائد متعينا (أو الخفاء) أي في الدلالة للمراد (إلى غير ذلك
مما يزيل حسنه) أي لا صحته (فلا يصح لأحد المناظرين) أي المعلل والسائل
(أن يقول للمناظر آخر إن ما ذكرته باطل لأن المعنى الذي أديته بما ذكرته من
العبارة يصح أداؤه بأحسن منها) وهي هذه العبارة (وإنما لا يصح ذلك لأن
وجود الطريق الراجح لا يوجب بطلان المرجوح) يعنى النقض بأحد هذه الأشياء
غير صحيح لأنه نقض بوجود الطريق الراجح وكل نقض بوجود الطريق الراجح لا
يوجب بطلان المرجوح وكل نقض بما لا يوجب بطلان المرجوح غير صحيح (وإنما يصح
الاعتراض به) أي بذلك الاشتمال (على حسن العبارة ويسمى هذا الاعتراض تعيين
الطريق وهو ليس من دأب المناظرين) أي لأن غرضهم إظهار الصواب ولا مدخل
لهذا الاعتراض في إظهار الصواب اهـ الآمدي (وههنا) أي في مقام الحكم بان
المذكورات لا ينقض بها الدليل وغيره اهـ البهتى (استثناء وهو أن يكون
التعريف أخفى من المعرف يبطله) أي ذلك الكون التعريف اهـ الآمدي (كما عرفت)
في باب التعريف
فصل
وقد ينقض العبارة ومعناه دعوى بطلانها مستدلا بمخالفتها قانون اللغة أو
الصرف أو النحو وقد يجاب عنه بمنع مخالفتها مستندا بمذهب من مذاهب أهل
العربية تصح عليه تلك العبارة وقد اشتهر ان ناقض العبارة مستدل ومعناه أن
الاعتراض على العبارة بسبب مخالفتها القانون العربي لا يصح على طريق المنع
لكن هذا النقض لا ينفع المعلل عند منع المانع مدعاه أو مقدمة دليله بل هو
انتقال منه إلى بحث آخر فتفطن وبالجملة ان النقض أربعة نقض التعريف ونقض
التقسيم ونقض الدليل ونقض العبارة وأما طلب الدليل على المدعى أو المقدمة
فلا يسمى نقضا مطلقا بل نقضا تفصيليا
--------------------
(فصل)
في بيان المناظرة الجارية في العبارة (وقد ينقض العبارة) وهي اللفظ سمى
بها لعبور المخاطب منه إلى المعنى والمتكلم من المعنى إليه اهـ الآمدي
(ومعناه) أي معنى ذلك النقض اهـ الآمدي (دعوى) السائل (بطلانها مستدلا
بمخالفتها قانون اللغة أو الصرف أو النحو) وتقريره أن يقول السائل عبارتك
هذه باطلة لأنها مخالفة لقانون العربية وكل عبارة هذا شأنها فهي باطلة (وقد
يجاب عنه) أي عن هذا النقض (بمنع مخالفتها مستندا بمذهب من مذاهب أهل
العربية تصح عليه تلك العبارة) مثال ذلك أن يقول المعلل مثلا :
وآله وصحـبه ذوى الهـدى × من شبهوا بأنجم في الاهتدا
ينقض
السائل عبارتك هذه باطلة لأنها مخالفة لقانون النحو وكل عبارة هذا شأنها
فهي باطلة ووجه المخالفة ان في عبارتك هذه عطفا على ضمير خفض بدون عود خافض
وهو مخالف لقانون النحو فيجيب المعلل بقوله لا نسلم أن هذه مخالفة لقانون
النحو لم لا يجوز أن تكون هذه العبارة جارية على مذهب من يجوز ذلك (وقد
اشتهر ان ناقض العبارة مستدل) وموجهها مانع (ومعناه أن الاعتراض على
العبارة بسبب مخالفتها القانون العربي لا يصح على طريق المنع) بل على طريق
الإبطال والاستدلال (لكن هذا النقض لا ينفع المعلل عند منع المانع) أي عند
دفع السائل (مدعاه) مدللا كان أولا (أو مقدمة دليله) معينة كانت أولا وإنما
لا ينفعه لعدم إتيانه بما وجب عليه (بل هو) أي هذا النقض (انتقال منه) أي
من المعلل (إلى بحث آخر) لا ينفعه في إثبات المدفوع (فتفطن) إشارة إلى ما
سبق وهو ان هذا إذا كان بدون إثبات ما منعه السائل فللمعلل مفحم اهـ الآمدي
(وبالجملة ان النقض) أي الاعتراض الذي يطلق عليه النقض (أربعة نقض التعريف
ونقض التقسيم ونقض الدليل ونقض العبارة وأما طلب الدليل على المدعى) مدللا
كان أولا (أو المقدمة) مطلقا (فلا يسمى نقضا مطلقا) أي بدون تقييد (بل
نقضا تفصيليا) كما عرفت
فصل
اعلم ان المركب الناقص إذا كان قيدا للقضية فذا تصديق معنى فيرد عليه
المنع مطلقا كأن تقول هذا إنسان رومي فللسائل أن يمنع روميته فقط فان اثبت
روميته بدليل فللسائل أن يمنع مقدمة ذلك الدليل أو يعارضه أو ينقضه
والمتفطن لا يخفى عليه ذلك وإذا لم يكن قيدا للقضية كأن قال أحد غلام زيد
أو خمسة عشر فلا يعترض عليه بشيء إلا بمخالفة ذلك اللفظ القانون العربي إذا
خالفه
--------------------
(فصل)
في المناظرة الجارية في المركبات الناقصة (اعلم ان المركب الناقص) وهو
الذي لا يصح السكوت عليه (إذا كان قيدا للقضية) بأن كان قيدا للمحكوم عليه
أو للمحكوم به أو قيدا للنسبة اهـ الآمدي (فذا تصديق معنى) يعنى ان قولك
هذا إنسان رومي بمنزلة قولك هذا إنسان ورومي اهـ الآمدي (فيرد عليه المنع
مطلقا) أي سواء كان مجردا أو مع السند (كأن تقول هذا إنسان رومي) فإن
الرومي مركب ناقص قيد للمحكوم به وهو بمنزلة قولك هذا رومي (فللسائل أن
يمنع روميته فقط) أي بدون منع إنسانيتة (فان اثبت) أنت (روميته بدليل) أي
بان تقول هذا رومي لأنه إنسان من بلاد الروم وكل إنسان من بلاد الروم فهو
رمي فهذا رومي (فللسائل) حينئذ ثلاث وظائف (أن يمنع مقدمة ذلك الدليل أو
يعارضه أو ينقضه والمتفطن لا يخفى عليه ذلك) إذ يقيسه على ما ذكر هناك وكذا
لا يخفى على المعلل الجواب في كل واحد من الثلاثة كالبحث في التصديق
الصريح (وإذا لم يكن قيدا للقضية كان قال أحد غلام زيد) بسكون الغلام وجر
زيد (أو خمسة عشر فلا يعترض عليه بشيء إلا بمخالفة ذلك اللفظ القانون
العربي إذا خالفه) أي في زعم الناقض
فصل
وإذا أجاب المعلل عن اعتراض السائل بجواب مبنى على ما سلمه السائل بأن
يثبت ما منعه السائل بدليل مشتمل على مقدمة مسلمة عند السائل مع علم المعلل
بان الذي سلمه باطل فذا جواب إلزامي جدلي لا تحقيقي وليس الغرض منه إظهار
الحق بل إلزام الخصم فقط وكذا إثباته بمغالطة مع علمه بأنه مغالطة
--------------------
(فصل)
في بيان الأجوبة المقبولة وغيرها (وإذا أجاب المعلل عن اعتراض السائل
بجواب مبنى على ما سلمه السائل) أي ولم يكن مسلما عند المعلل (بأن يثبت ما
منعه السائل بدليل مشتمل على مقدمة مسلمة عند السائل مع علم المعلل بان
الذي سلمه باطل) وإن لم يكن باطلا في نفس الأمر اهـ الآمدي (فذا) أي ذلك
الجواب (جواب إلزامي جدلي لا تحقيقي وليس الغرض منه إظهار الحق بل إلزام
الخصم فقط) مثال ذلك أن يقول المعلل هذا الحديث باطل لأنه موضوع وكل موضوع
فهو باطل فمنعه السائل فقال لا نسلم أن هذا الحديث موضوع لم لا يجوز أن
يكون صحيحا فأجاب المعلل بقوله إن هذا الحديث ليس في الصحيحين وكل ما ليس
في الصحيحين فهو موضوع عندك (وكذا) يكون جوابا جدليا (إثباته) أي إثبات
المعلل ما منعه السائل مستدلا (بمغالطة) أي غير مسلمة عند السائل (مع علمه
بأنه مغالطة) وقد تقدمت المغالطة في باب المعارضة
فلا
ينبغي للمعلل ذلك الجواب إلا إذا كان الخصم متعنتا لا طالبا لإظهار الحق
والجواب التحقيقي هو الجواب الذي بناه المعلل على ما علم حقيته لكن السائل
إذا سكت حينئذ يحصل له الإلزام فإن منع ما سلمه من قبل فله ذلك إذ له أن
يدعى التردد بعد الجزم به ما لم يكن ما سلمه بديهيا جليا ولذا قيل المانع
لا مذهب له
--------------------
(فلا
ينبغي للمعلل ذلك الجواب) أي الجدلي (إلا إذا كان الخصم متعنتا) أي طالبا
زلة المعلل (لا طالبا لإظهار الحق) فان الخصم حينئذ متكبر والتكبر على
المستكبر صدقة اهـ الآمدي (والجواب التحقيقي هو الجواب الذي بناه المعلل
على ما علم حقيته) وإن لم يكن حقا والحاصل ان المجيب إن اعتقد صحة جوابه
فجوابه تحقيقي وإن لم يصح في نفس الأمر وإلا فجدلي وإن صح اهـ الآمدي (لكن
السائل إذا سكت حينئذ) أي حين إذا ثبت المعلل ما منعه السائل بدليل مشتمل
على مقدمة مسلمة عند السائل اهـ الآمدي (يحصل له) أي للسائل (الإلزام فإن
منع ما سلمه من قبل) أي من قبل إثبات المعلل اهـ الآمدي (فله ذلك إذ له أن
يدعى التردد بعد الجزم به ما لم يكن ما سلمه بديهيا جليا ولذا قيل المانع
لا مذهب له) أي لا مذهب له معين فيذهب في مقام المنع أي مذهب يشاء ويختار
ما هو أحرى بحاله اهـ الآمدي
ثم لنشرع في المناظرة على تقدير النقل إن كانت ناقلا فإن لم تلتزم صحة المنقول فلا يرد عليك إلا طلب تصحيح النقل وهذا معنى منع النقل فلك أن تثبت نقلك بإحضار كتاب مثلا وان التزمت صحته وذا لا يتصور في المفرد والإنشاء والمركب الناقص فيرد عليك الابحاث السابقة إلا أن يجب الإيمان به ومن التزام صحته حكمك عليه بأنه صحيح أو تقوية مقالك به
ثم لنشرع في المناظرة على تقدير النقل إن كانت ناقلا فإن لم تلتزم صحة المنقول فلا يرد عليك إلا طلب تصحيح النقل وهذا معنى منع النقل فلك أن تثبت نقلك بإحضار كتاب مثلا وان التزمت صحته وذا لا يتصور في المفرد والإنشاء والمركب الناقص فيرد عليك الابحاث السابقة إلا أن يجب الإيمان به ومن التزام صحته حكمك عليه بأنه صحيح أو تقوية مقالك به
--------------------
(ثم
لنشرع في المناظرة على تقدير النقل إن كانت ناقلا فإن لم تلتزم صحة
المنقول فلا يرد عليك إلا طلب تصحيح النقل) أي بيانه صحته (وهذا) أي طلب
تصحيح النقل (معنى منع النقل فلك أن تثبت نقلك بإحضار كتاب مثلا) إذ قد
يكون ما نقلته عنه شخصا فتحضر من شاركك في السماع عنه (وان التزمت صحته)
بان قالت بعد النقل هذا المنقول صحيح (وذا لا يتصور في المفرد والإنشاء
والمركب الناقص فيرد عليك الابحاث السابقة إلا أن يجب الإيمان به) أي
بمضمون ذلك المنقول وهو قول الله وقول النبيه والممكن الذي اجمع
المسلمون عليه اهـ البهتى (ومن التزام صحته) أي صحة المنقول (حكمك عليه
بأنه صحيح) بأن تقول بعد النقل هذا المنقول صحيح (أو تقوية مقالك به) كأن
تقول العالم حادث كما قال الله تعالى " الحمد لله فاطر السموات والأرض "
[
خاتمة ] ثم ان البحث بين المعلل والسائل إما أن ينتهي إلى عجز المعلل عن
دفع اعتراض السائل أو إلى عجز السائل عن الاعتراض على جواب المعلل إذ لا
يمكن جريان البحث إلى غير النهاية وعجز المعلل يسمى في العرف إفحاما وعجز
السائل إلزاما ويقال افحم السائل المعلل ويقال الزم المعلل السائل ويقال
المعلل مفحم والسائل ملزم بفتح الحاء والزاى فإضافة الإفحام إلى المعلل
إضافة المصدر إلى مفعوله وكذا إلزام السائل ثم ان السؤال قد يكون بمعنى
الاعتراض فذا سؤال المناظرين وقد يكون بمعنى الاستفسار عن معنى اللفظ أو عن
وجه التركيب أو عن تفصيل المجمل وهذا ليس داخلا في المناظرة والكشاف مشحون
به ولا بأس بذلك عند خفاء المسؤل عنه
--------------------
(خاتمة)
في بيان بعض اصطلاحات النظار اهـ البهتى (ثم ان البحث) أي المناظرة (بين
المعلل والسائل إما أن ينتهي إلى عجز المعلل عن دفع اعتراض السائل أو إلى
عجز السائل عن الاعتراض على جواب المعلل إذ لا يمكن جريان البحث إلى غير
النهاية) لقصور القوة البشرية عن ترتيب أمور غير متناهية اهـ الآمدي (وعجز
المعلل يسمى في العرف إفحاما وعجز السائل إلزاما ويقال أفحم السائل المعلل)
أي أعجزه (ويقال الزم المعلل السائل) أي جعله ملزما (ويقال المعلل مفحم
والسائل ملزم بفتح الحاء والزاى فإضافة الإفحام إلى المعلل إضافة المصدر
إلى مفعوله وكذا إلزام السائل ثم ان السؤال قد يكون بمعنى الاعتراض) ويقال
سألت عليه أي اعترضت عليه (فذا سؤال المناظرين وقد يكون بمعنى الاستفسار عن
معنى اللفظ أو عن وجه التركيب) أي عن علته ودليله اهـ الآمدي (أو عن تفصيل
المجمل) يقال سألت عنه أي استفسرت عنه (وهذا) أي السؤال بمعنى الاستفسار
(ليس داخلا في المناظرة) لعدم صدق تعريفها عليه اهـ الآمدي (والكشاف مشحون
به) أي مملؤ به (ولا بأس بذلك عند خفاء المسؤل عنه) بل ينبغي لكل أحد أن
يستفسر عما خفي عليه ولا يعترض قبل الاستفسار بل ينبغي للطلبة وان لم يخف
عليه بدون قصد تخجيل الخصم ليحصل لهم السعي بالغبطة وقد يستفسر عما عرفه
لنكتة مثل التعجب والسرور عند سماعه اهـ الآمدي
فصل
اعلم ان حاصل منع مقدمة الدليل ونقضه إبقاء دعوى المعلل بدليل وليس حاصل
نقضه إبطالا لدعوى المعلل إذ الدليل ملزوم للدعوى ولا يلزم من إبطال
الملزوم إبطال اللازم إذ يجوز أن يكون له ملزوم آخر لجواز عموم اللازم
فيجوز أن يكون للمدعى دليل آخر وكذا حاصل المعارضة المساقطة أعنى أن يسقط
ويبطل دليل المعارض دليل المعلل وبالعكس إذ الدليل الصحيح لا يدل على خلاف
مدلوله فيبقى مدعى المعلل بلا دليل فليس حاصل المعارضة أيضا إبطالا لدعوى
المعلل فأقوى الاعتراضات إبطال المدعى الغير المدلل وإن سمى ذلك غصبا
وأسلمها المنع إذ لا يجب له سند ولا دليل ومن أراد الاستقصاء في فن
المناظرة فعليه برسالتنا المعمولة لتقرير قوانين المناظرة ويجب على
المستفيدين احسن الله إرشادهم عن إحداهما أن يستغفروا لي ولوالدي ويدعوا
لنا بالجنة والنعم الباقية ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله والحمد لله الذي
بعزته وجلاله تتم الصالحات وسبحان ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين
--------------------
(فصل)
في بيان مراتب المنوع في القوة والضعف اهـ الآمدي (اعلم ان حاصل منع مقدمة
الدليل ونقضه) أي نقض الدليل اهـ الآمدي (إبقاء دعوى المعلل بدليل وليس
حاصل نقضه إبطالا لدعوى المعلل) وليس حاصل المنع أيضا إبطالا لدعوى المعلل
اهـ الآمدي (إذ الدليل ملزوم للدعوى ولا يلزم من إبطال الملزوم إبطال
اللازم إذ يجوز أن يكون له) أي لذلك اللازم (ملزوم آخر لجواز عموم اللازم)
من الملزوم كالحرارة اللازمة للشمس (فيجوز أن يكون للمدعى دليل آخر وكذا
حاصل المعارضة المساقطة أعنى أن يسقط ويبطل دليل المعارض دليل المعلل
وبالعكس) أي يسقط ويبطل دليل المعلل دليل المعارض (إذ الدليل الصحيح لا
يدل) دليل (على خلاف مدلوله فيبقى مدعى المعلل بلا دليل فليس حاصل المعارضة
أيضا إبطالا لدعوى المعلل فأقوى الاعتراضات) أي الاعتراضات السائل (إبطال
المدعى الغير المدلل وإن سمى ذلك غصبا وأسلمها المنع إذ لا يجب له سند ولا
دليل ومن أراد الاستقصاء) أي البلوغ إلى الغاية (في) معرفة (فن المناظرة
فعليه برسالتنا المعمولة لتقرير قوانين المناظرة ويجب على المستفيدين احسن
الله إرشادهم عن إحداهما) من هذه الرسالة وتقرير القوانين (أن يستغفروا لي
ولوالدي ويدعوا لنا بالجنة والنعم الباقية ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله)
وفي الحديث من أوتى إليه معروف فليكافئه به ومن لم يستطع فليذكره فإن من
ذكره فقد شكره ان اشكر الناس لله تعالى اشكرهم للناس لا يشكر الله من لا
يشكر الناس (والحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات) أي الأعمال
الصالحات (وسبحان ربنا رب العزة) أضيف إلى العزة لاختصاصها به (عما يصفون)
أي عما يصفه أعداؤه من النقائص (وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين) على ما افاض علينا من النعم
No comments:
Post a Comment