بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله [ وبعد ] فيقول فقير عفو ربه الخبير
مفتاح المرتى ذو التقصير هذه رسالة تشتمل على مقدمة وتقسيم وخاتمة
------------------
1-
(قوله بسم الله الرحمن الرحيم) افتتح كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب
العزيز وامتثالا بحديث البسملة وجريا على سنن السلف الصالح اهـ تلخيص
الاساس
2-
(قولـه الحمد لله) وال فى الحمد اما للاستغراق او للجنس او للعهد واللام
فى لله اما للاستحقاق او للاختصاص او للملك والاولى ان تكون ال للجنس
واللام للاختصاص فالمعنى حينئذ جنس الحمد مختص لله ويلزم من اختصاص الجنس
اختصاص الافراد فهو فى قوة ان يدعى ان الافراد مختصة بالله بدليل اختصاص
الجنس به فهو كدعوى الشيء ببينة فالدعوى هى اختصاص الافراد والبينة هى
اختصاص الجنس اهـ الباجورى فى حاشيته على التقريب واقسامه اربعة حمد قديم
لقديم وهو حمده تعالى نفسه بنفسه ازلا وحمد قديم لحادث وهو حمد الله
لانبيائه واصفيائه وحمد حادث لحادث وهو حمد العباد بعضهم لبعض وحمد حادث
لقديم وهو حمدنا لله تعالى واركانه خمسة حامد ومحمود ومحمود به ومحمود عليه
وصيغة فاذا اثنيت على زيد لكونه اكرمك مثلا كان قلت زيد عالم فانت يقال لك
حامد وزيد يقال له محمود وثبوت العلم محمود به والاكرام محمود عليه وقولك
زيد عالم هو الصيغة اهـ حاشية لقط الدر
3-
(قولـه والصلاة) قدم الحمد على الصلاة لتأخر رتبة ما يتعلق بالمخلوق وان
كان افضل الخلق على الاطلاق عن رتبة ما يتعلق بالخالق واتى بالصلاة لقوله
تعالى "ياايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" ولقوله تعالى "ورفعنا
لك ذكرك" اى لاأذكر الا وتذكر معى ولقوله صلى الله عليه وسلم "من صلى علي
فى كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمى فى ذلك الكتاب قال الامام
الشافعى رضى الله عنه احب ان يقدم المرء بين يدى خطبته وكل امر طلبه حمد
الله والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
انتهى قال فى فيض الاله والصلاة من الله الرحمة المقرونة بالتعظيم ومن
الملائكة الاستغفار ومن غيرهم الدعاء وعلى هذا فالصلاة من قبيل المشترك
اللفظى وهو ما اتحد لفظه وتعدد معناه كلفظ عين واختار ابى هشام فى مغنيه ان
معناها واحد وهو العطف لكنه يختلف باختلاف العاطف فهو بالنسبة لله تعالى
الرحمة وبالنسبة للملائكة الاستغفار وبالنسبة لغيرهم الدعاء وعلى هذا فهى
من قبيل المشترك المعنوى وهو ما اتحد لفظه ومعناه واشتركت فيه افراده كأسد
انتهى قال فى تحفة الحبيب اذا دار الامر بين الاشتراك اللفظى والمعنوى
فالاشتراك المعنوى اولى لان الاشتراك اللفظى خلاف الاصل لتعدد الوضع فيه
والاصل خلافه انتهى
4-
(قوله والسلام) قال فى الانوار السنية وعقب الصلاة بالسلام خروجا من كراهة
افراد احدهما عن الاخر عند المتأخرين واما عند المتقدمين فلا يكره الافراد
نعم هو خلاف الاولى اهـ
5- (قوله رسول الله) والمراد به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اهـ باجوري
6- (قوله وبعد) أي بعد البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله اهـ شرح
7- (قوله الخبير) أي العليم ببواطن الأمور اهـ شرح
8-
(قوله هذه) اى المؤلفة الحاضرة فى الذهن قال فى حاشية ايساغوجى واسماء
الاشارة ربما تستعمل فى الامور المعقولة وان كان وضعها للامور المبصرة اهـ
9-
(قوله رسالة) قال فى حواشى المطالع ان الرسالة ما اشتمل على مسائل قليلة
من فن واحد والمختصر ما اشتمل على مسائل قليلة من فن او من فنون والكتاب ما
اشتمل على مسائل قليلة او كثيرة من فن او من فنون فالرسالة اخص مطلقا من
الاخرين والثانى اخص من الثالث كذلك فالرسالة اخفها والكتاب اعمها والمختصر
اعم من الرسالة واخص من الكتاب فهو اوسطها اهـ الباجورى على كفاية العوام
[المقدمة ]
الاشتقاق
فى اللغة : أخذ شق الشيء وأما في الاصطلاح فيحد تارة باعتبار العلم وتارة
باعتبار العمل فأما بحسب العمل فقال شيخ الاسلام زكريا في المناهج الكافية
: رد لفظ الى آخر لمناسبة بينهما في المعنى والحروف الأصلية وقال السيد
محمد صديق في العلم الخفاق : هو أن تأخذ من اللفظ ما يناسبه في التركيب
فتجعله دالا على معنى يناسب معناه فالمأخوذ مشتق والمأخوذ منه مشتق منه
وأما بحسب العلم فقال شيخ الاسلام : أن تجد بين اللفظين تناسبا في المعنى
والتركيب فترد أحدهما الى الآخر فالمردود مشتق والمردود اليه مشتق منه
------------------
1-
(قوله المقدمة)مبتداء خبره محذوف اى هذا الذى نشرع فيه او بالعكس اهـ شرح
واعلم انه اذا احتمل المقام حذف المبتداء او الخبر فاختلف فى الاولى بجعله
محذوفا فذهب بعضهم الى ان الاولى جعل المحذوف هو الخبر وجعل المذكور هو
المبتداء لان المبتداء هو الركن الاعظم من ركنى الاسناد فلاينبغى حذفه وذهب
بعضهم الى ان الاولى جعل المحذوف هو المبتداء وابقاء الخبر لانه هو
المقصود بالافادة اهـ الدسوقى والمقدمة لغة اول الشيء واما فى الاصطلاح
فلها معان الاول والثانى فى اوائل الكتب ما يتوقف عليه الشروع فى العلم
ويقال لها مقدمة علم وما يذكر قبل المقصود لارتباط به ويقال لها مقدمة كتاب
والثالث والرابع فى المباحث المنطقية قضية جعلت جزء القياس او جزء الدليل
والخامس فى المباحث الآدابية ما يتوقف عليها صحة الدليل سواء كان جزء
الدليل او امرا خارجا عنه كالشرائط اهـ منهل الافادة
(3)
(قوله لمناسبة) يتناول التناسب فى نفس الحروف نحو ضرب وضارب والتناسب فى
مخرج الحروف نحو نعق ونهق فخرج التناسب فى المعنى فقط كما فى القعود
والجلوس فان فعل احدهما لايكون مشتقا من الاخر والتناسب فى اللفظ فقط كما
فى ضرب بمعنى الدق وضرب بمعنى الذهاب فان فعل احدهما لايكون مشتقا من الاخر
اهـ الفلاح وقيد الحروف بالاصلية لان المزيدة لايحتاج للاشتقاق بها اهـ
عطار
6- (قوله فترد الخ) أي تحكم برده وهذا محل الشاهد اهـ الشربينى
[ التقسيم ]
وينقسم
الاشتقاق الى ثلاثة أقسام الى صغير والى كبير والى أكبر .فالصغير أن يكون
بين اللفظين تناسب في الحروف والترتيب كاشتقاق ضرب من الضرب , سمى صغيرا
لكفاية تأمل يسير في العلم بالاشتقاق بسبب قلة العمل , والكبير أن يكون
بين اللفظين تناسب في اللفظ والمعنى دون الترتيب كاشتقاق جبذ من الجذب سمى
كبيرا لاحتياجه الى تأمل كثير في العلم بالاشتقاق بسبب كثرة العمل فيه
والأكبر أن يكون بينهما تناسب في المخرج كاشتقاق نعق من النهق سمى أكبر
لاحتياجه الى تأمل أكثر في العلم بالاشتقاق بسبب تبدل الحروف فيه
وفي
العلم الخفاق : أن الاشتقاق ثلاثة أقسام : لأنه إن اعتبر ت فيه الموافقة
في الحروف الاصول مع الترتيب بينها يسمى بالاشتقاق الأصغر وإن اعتبرت فيه
الموافقة بدون الترتيب سمى بالاشتقاق الصغير وإن اعتبرت فيه المناسبة في
الحروف الاصول في النوعية والمخرج للقطع بعدم الاشتقاق في مثل الحبس مع
المنع والقعود مع الجلوس يسمى بالأكبر مثال الأصغر الضارب والضرب ومثال
الصغير كنى وناك ومثال الأكبر ثلم وثلب, فالمعتبر في الأصغر الترتيب وفي
الصغير عدم الترتيب وفي الاكبر عدم الموافقة في جميع الحروف الاصول بل
المناسبة فيها فتكون الثلاثة أقساما متباينة وايضا المعتبر في الأصغر
موافقة المشتق للأصل في معناه وفي الصغير والاكبر مناسبة فيه بأن يكون
المعنيان متناسبين في الجملة ,ويقال لهذه الأقسام الثلاثة ايضا أصغر وصغير
وكبير وأصغر وأوسط وأكبر فالعبارات اربعة صغير وكبير وأكبر وأصغر وصغير
وأكبر وأصغر وصغير وكبير وأصغر وأوسط وأكبر ,
وينقسم
المشتق الى قسمين مطرد وغير مطرد وفى البنانى : ان اعتبر فى مسماه معنى
المشتق منه على ان يكون داخلا فيه بحيث يكون المشتق اسما لذات مبهمة ينسب
اليها ذلك المعنى فهو مطرد كضارب ومضروب وان اعتبر فيه ذلك لا على انه داخل
فيه بل على انه مصحح للتسمية مرجح لتعيين الاسم من بين الاسماء بحيث يكون
المشتق اسما لذات مخصوصة يوجد فيها ذلك المعنى فهو مختص لايطرد فى غيرها
مما يوجد فيه ذلك المعنى كالقارورة لا تطلق على غير الزجاجة المخصوصة مما
هو مقر للمائع وكالدبران لايطلق على شيئ فيه دبور غير الكواكب الخمسة التى
فى الثور وهى منزلة من منازل القمر
------------------
1- (قوله تناسب) أي توافق اهـ شرح مراح الارواح فالمناسبة فى الصغير معناها الموافقة اهـ عطار
2- (قوله والترتيب) أي ترتيب تلك الحروف وفى المعنى ايضا اهـ شرح مراح الارواح
3-
(قوله تناسب فى اللفظ والمعنى) أي سواء كان مع الموافقة فى المعنى نحو جبذ
من الجذب وهما متوافقان فى المعنى او بدونها نحو ثلم من الثلب والاول
الاخلال بالحائط والثانى بالعرض فهما متناسبان فى المعنى اهـ شرح مراح
الارواح
4- (قوله تناسب فى المخرج) أي دون نفس حروف اللفظ اهـ الفلاح
5-
(قوله كاشتقاق نعق من النهق) والاول صوت الغراب والثانى صوت الحمار فهما
متناسبان فى المعنى وتناسبهما فى المخرج ظاهر اذ العين والهاء كلاهما من
الحلق اهـ شرح مراح الارواح
[ الخاتمة ]
تشتمل على نفائس :
[
منها ] أنه لابد في تحقق الاشتقاق من تغيير بين اللفظين تحقيقا كما في ضرب
من الضرب أو تقديرا كما في طلب من الطلب فيقدر أن فتحة اللام في الفعل
غيرها في المصدر كما قدر سيبويه أن ضمة النون في جنب جمعا غيرها فيه مفردا
وفي العلم الخفاق : ان التغييرات بين الأصل والفرع خمسة عشر [ الأول ]
زيادة حركة كعلم وعلم [الثانى] زيادة مآدة كطالب وطلب [الثالث] زيادتهما
كضارب وضرب [ الرابع ] نقصان حركة كالفرس من الفرس [الخامس] نقصان مآدة
كثبت وثبات [السادس ] نقصانهما كنزا ونزوان [السابع ] نقصان حركة وزيادة
مآدة كغضبى وغضب [الثامن ] نقصان مآدة وزيادة حركة كحرم وحرمان [ التاسع ]
زيادتهما مع نقصانهما كاستنوق من الناقة [ العاشر] تغاير الحركتين كبطر
بطرا [ الحادى عشر] نقصان حركة وزيادة أخرى وحرف كاضرب من الضرب [ الثانى
عشر] نقصان مآدة وزيادة أخرى كراضع من الرضاعة [ الثالث عشر] نقصان مآدة
وزيادة أخرى وحركة كخاف من الخوف لأن الفاء ساكنة في الخوف لعدم التركيب [
الرابع عشر] نقصان حركة وحرف وزيادة حركة فقط كعد من الوعد فيه نقصان حركة
وحرف وزيادة كسرة [ الخامس عشر] نقصان حركة وحرف وزيادة حرف كفاخر من
الفخار نقصت الف وزادت الف وفتحة
وهذه الخمسة عشر تغييرات تحقيقية وأماالتغيير التقديرى فكما في اشتقاق طلب ماضيا من الطلب مصدرا كما تقدم
[ ومنها ] أنه لابد في المشتق اسما كان او فعلا من امور ,
أحدها أن يكون له أصل فإن المشتق فرع مأخوذ من لفظ آخر ولو كان أصلا في الوضع غير مأخوذ من غيره لم يكن مشتقا
وثانيها
أن يناسب المشتق الاصل في الحروف إذ الأصالة والفرعية باعتبار الأخذ لا
تحققان بدون التناسب بينهما والمعتبر المناسبة في جميع الحروف الاصلية
فان الاستباق من السبق مثلا يناسب الاستعجال من العجل في حروفه الزائدة
والمعنى وليس بمشتق منه بل من السبق ,
وثالثها
المناسبة في المعنى سوآء لم يتفقا فيه أو اتفقا فيه وذلك الاتفاق بأن يكون
في المشتق معنى الاصل إما مع زيادة كالضرب فإنه للحدث المخصوص والضارب
فإنه لذات ماله ذلك الحدث وإما بدون زيادة سوآء كان هناك نقصان كما في
اشتقاق الضرب من ضرب على مذهب الكوفيين أو لا بل يتحدان في المعنى كالمقتل
من القتل والبعض يمنع نقصان اصل المعنى في المشتق وهذا هو المذهب الصحيح ,
[ ومنها ] قال بعضهم : لا بد في التناسب من التغاير من وجه فلا يجعل المقتل مصدرا مشتقا من القتل لعدم التغاير بين المعنيين
[ ومنها ] ما فى شرح مراح الأرواح من أن المناسبة أعم من الموافقة ,
[ ومنها ] أن الاشتقاق إذا اطلق فالمراد به الاشتقاق الأصغر وهو المحتاج اليه في علم الصرف
[ ومنها ] ما في حاشية البنانى من أن الاكثر على أن المنسوب والمصغر والجمع والتثنية من أفراد المشتق
[
ومنها ] أن الاشتقاق مما يعرف به الزائد من الحروف الاصلية حيث قال
العلامة ابن الحاجب في الشافية : ويعرف الزائد بالاشتقاق وعدم النظير وغلبة
الزيادة فيه ,
[ ومنها ] أن الاشتقاق مما يعرف به الابدال حيث قال في الشافية ايضا : ويعرف الابدال بأمثلة اشتقاقه كتراث وأجوه
[
ومنها ] أنه قد تقرر في فن المنطق : أن المنقول هو لفظ وضع في معنى ثم
استعمل في معنى آخر واشتهر فيه وترك استعماله في المعنى الاول وقال العطار :
هو ما غلب في معنى مجازى للموضوع له الاول حتى هجر الاول فهو في اللغة
حقيقة في المعنى الاول مجاز في المعنى الثانى , وفي الاصطلاح : المنقول
بالعكس كـلفظ الصلاة وفي حاشية العلامة ابن السعيد على تهذيب السعد : أن
اقسام النقل الموجودة أربعة نقل من اللغة الى الشرع , ونقل منها الى العرف
العام ونقل منها الى العرف الخاص ونقل منها الى اللغة فالاول الصلاة
والثانى كلفظ الدابة والثالث كالاسم والفعل والحرف والرابع كالأعلام
المنقولة والتباين بين المشتق والمنقول بين .
[
ومنها ] ما في العلم الخفاق : أن الاشتقاق مقدم في التعليم على الصرف
مؤخرعن اللغة فيبين المعلم أو لا لغة اللفظ ثم اشتقاقه ثم صرفه ,
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
------------------
1-
(قوله أن يكون له أصل) اختلف فيه على مذهبين فالبصريون قالوا المصدر هو
الاصل والمراد مصدر الفعل المجرد لان المصدر المزيد فيه مشتق منه وقال
الكوفيون الفعل هو الاصل والمراد الفعل الماضى اهـ بلغة المشتق
2- (قوله من التغاير) أي بحسب المعنى وبحسب اللفظ اهـ الفلاح
3- (قوله لعدم التغاير بين المعنيين) وكذا نحو ضرب بمعنى المضروب وضرب بمعنى الحدث اذ لا تغاير بينهما فى اللفظ اهـ الفلاح
4- (قوله كتراث وأجوه) والاصل وراث ووجوه اهـ لسان العرب
No comments:
Post a Comment